لكن قد تأباه عبارة التهذيب؛ لأنّه قال في الاستدلال على ما ذكره المفيد من الاجتزاء بالإصبع: «و يدلّ عليه آية المسح، و من مسح رأسه و رجليه بإصبع واحدة فقد دخل تحت الاسم و يسمّى ماسحاً، و لا يلزم على ذلك ما دون الإصبع؛ لأنّا لو خلّينا و الظاهر لقلنا بجواز ذلك، لكن السُنّة منعت منه» [1].
و كيف كان، فلا ريب في أنّ ما ذكره المصنّف [في قوله: «و الواجب منه ما يسمّى مسحاً»] هو الأقوى.
1- للأصل.
2- و لإطلاق قوله تعالى: (وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)[2] مع تفسيرها بالصحيح [الدالّ على] أنّ المراد بها بعض الرأس؛ لمكان «الباء» [3].
و ما ينقل عن سيبويه [4] من إنكار كون «الباء» للتبعيض لا يلتفت إليه.
مع أنّه معارض بدعوى غيره ثبوتها في هذا المعنى، و أنّها حقيقة، و المثبت مقدّم على النافي.
و يؤيّده [ثبوت الباء في التبعيض] مجيئها في الشعر و غيره بهذا المعنى، فليطلب من مظانّه.
3- و مثلها إطلاق كثير من الأخبار الآمرة بالمسح على مقدّم الرأس [5].
4- مع ظواهر كثير من الوضوءات البيانيّة في وجه.
5- و لقول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر زرارة و بكير ابني أعين: «إذا مسحت بشيء من رأسك أو بشيء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك» [6].
6- و ما في مرسل حمّاد عن أحدهما (عليهما السلام): في الرجل يتوضّأ و عليه العمامة، قال: «يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدّم رأسه» [7]. لصدق إدخال الإصبع بما يتحقّق به مسمّى المسح و لو قدر أنملة من الرأس، كما فهمه المفيد من رواية الإصبع بالنسبة للمرأة على ما ستسمع.
و في الوسائل بعد أن نقل هذه الرواية عن الشيخ ذكر عن الكافي مسنداً إلى حمّاد عن الحسين قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): رجل توضّأ و هو معتمّ، فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد، فقال: «ليدخل إصبعه» [8].
و في المنتهى بعد أن ذكر الرواية الاولى [أي مرسل حمّاد] قال: «و هذا الحديث و إن كان مرسلًا إلّا أنّ الأصل يعضده، على أنّ ابن يعقوب رواه في كتابه عن حمّاد عن الحسين، و رواه السيّد المرتضى (رحمه الله) في الخلاف عن حمّاد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)» [9] انتهى.
و كيف كان، فالإرسال [في مرسل حمّاد] على تقديره غير قادح بعد ما سمعت من الانجبار بالشهرة و الإجماع المنقول.