قد يكون منشأ الإجماع هو كون إزالة النجاسة من قبيل التروك يراد بها رفع القبيح عن الوجود في الخارج، فلا تتوقّف على النيّة.
أو يقال:
إنّا لا نقول في مثل المقام بتحقّق الامتثال حال عدم النيّة، نعم نقول بحصول الطهارة للثوب حال عدمها، و هو غير قادح؛ إذ لم يعلم من الأدلّة اشتراط حصول الطهارة بصدق مسمّى الامتثال، بل الظاهر من الأدلّة خلافه؛ لكون المستفاد منها أنّها تحصل بحصول مسمّى الغسل.
فيكون التحقيق حينئذٍ:
أنّ الأمر إمّا أن يتعلّق بما لا يعرف ماهيّته و حصول مسمّاه إلّا من قِبل الشرع كالوضوء و الغسل و نحوهما، أو يتعلّق بما لا مدخليّة للشرع فيه كالأمر بغسل الثياب و الأواني و نحو ذلك.
فإن كان الأوّل- و قد رتّب الشارع أحكاماً شرعية على حصول المسمّى- فالظاهر الاحتياج إلى النيّة؛ إذ بدونها لا يعلم حصول المسمّى.
و إن كان الثاني- و قد رتّب الشارع كذلك- فالظاهر عدم الاحتياج في حصول تلك الأحكام إلى النيّة، لتحقّق المسمّى بدونها الذي علّق عليه وجود الأحكام بدونها.
هذا كلّه حيث تعلّق الآثار على مبدأ الأوامر كأن يقول: اغسل ثوبك فإنّ الغسل يزيل النجاسة.
أمّا لو وقع الأمر بالغسل مثلًا و لم يذكر تعليق الآثار على المبدأ و لم يعلم أنّ الآثار مترتّبة على تحقّق الامتثال أو على حصول المسمّى، فقد يتخيّل أنّ الاستصحاب يقضي بالأوّل.
لكن الأقوى في النظر الثاني [أي الحاجة إلى النيّة]؛ للفهم العرفي أنّ المدار على حصول المسمّى، بخلاف ما إذا كان متعلّق الأمر مع هذا الحال نحو الوضوء؛ فإنّ الظاهر تعليق الأحكام على تحقّق الامتثال و إن سلّم تحقّق مسمّى الوضوء بدون ذلك.
و بذلك كلّه يندفع ما سمعته في المدارك [1] مع ما في كلامه الأخير من العجب- أي استشعاره من ذلك سهولة أمر النيّة-؛ إذ لا يخفى أنّ إزالة النجاسة لا يشترط فيها شيء ممّا ذكره من السهل و غيره، فلو وقع غفلة أو في حال النوم أو غير ذلك اجتزى به.
هذا، و إلى ما ذكرنا يرجع ما نقل [2] عن الأمين الاسترآبادي في رفع ما في المدارك و إن أطنب فيه؛ إذ حاصله الرجوع إلى أنّ ذلك يتبع نظر الفقيه في المقامات الخاصّة؛ لمكان النظر في كيفيّة الخطابات و غيرها ممّا يقتضيه مراعاة المقامات، و إلّا فالأصل الاحتياج إلى النيّة.