و احتمال أنّ الغسل لا يتحقّق بالأقلّ من المثلين فحينئذٍ لا خلاف، ممنوع. كاستبعاد كون ذلك شرطاً تعبّدياً؛ لعدم النظير في سائر ما يرفع به الخبث، بل و لا ما يرفع به الحدث، بل و لا البول نفسه في غير الاستنجاء؛ إذ هو استبعاد لغير البعيد بعد قضاء الدليل به، بل لعلّه الأقوى.
لخبر نشيط بن صالح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألته كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟ فقال (عليه السلام): «مثْلا ما على الحشفة من البلل» [1]. فيقيّد به إطلاق الغسل، كما يقيّد به إطلاق المرّتين لو سلّم شموله للمقام.
و دعوى أنّ في سندها مروك بن عبيد الذي هو غير معروف الحال.
يدفعها:
1- مع أنّ ذلك غير قادح؛ لما عرفت من انجبارها بالشهرة المحصّلة و المنقولة.
2- أنّه نقل العلّامة في الخلاصة عن الكشي أنّه قال محمّد بن مسعود: «سألت علي بن الحسن عن مروك بن عبيد بن سالم بن أبي حفصة، فقال: ثقة، شيخ، صدوق» [2].
كدعوى أنّ هذه الرواية معارضة بروايته الاخرى، المؤيّدة بأصل براءة الذمّة من الزائد، و الأخبار المطلقة الآمرة بالغسل [3]، و أنّ الاستنجاء حدّه النقاء [4]، فإنّه روى أيضاً عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «و يجزي من البول أن تغسله بمثله» [5].
إذ [يدفعها]:
1- [أنّ] الأصل مقطوع باستصحاب النجاسة و بما سمعت من الرواية [في المثلين] المنجبرة بما تقدّم.
2- و بذلك تقيّد المطلقات.
3- مع كون الظاهر فيها [المطلقات] انصرافها إلى الفرد الغالب، و هو تحقّق الغسل بما زاد على المثلين فضلًا عنهما.
4- و الرواية [الثانية]- مع كونها مرسلة لا جابر لها، و موهونة بإعراض المشهور، مضافاً إلى استبعاد تحقّق الغسل بالمثل؛ لاشتراط الغلبة و الاستيلاء، و هو منتفٍ فيه إلّا على تكلّف تسمعه إن شاء اللّٰه تعالى- غير صريحة الدلالة، بل و لا ظاهرة؛ لاحتمال أن يراد ب«مثله» مثله من الماء، كما أشارت إليه بعض الأخبار: «أنّه ماء، فلا يُزال إلّا بالماء» [6].
بل يحتمل أن تكون الرواية «بمثليه» و حذفت الياء من النسّاخ. و احتمال العكس في الرواية الاولى [بإضافة الياء إلى المثل] في غاية البعد؛ لما عرفت من انجبارها بفتوى الأصحاب الذين صدرت منهم الروايات.
و ربّما احتمل فيها احتمالات اخر لا بأس بها في مقام الجمع بعد ما سمعت من رجحان الاولى من وجوه متعدّدة.