و أضعف من ذلك ما في كشف اللثام: من «أنّ كلام القاضي في المهذّب يعطي نجاسة السؤرين [أي الجلّال و آكل الجيف]، و نجّس أبو عليّ سؤر الجلّال، و في الإصباح: نجاسة سؤر جلّال الطيور» [1]؛ إذ هو- كما ترى- لا دليل عليه بعد طهارة ذي السؤر، بل قد اعترف بعضهم [2] بعدم الوقوف على دليل على الكراهة، فضلًا عن المنع.
لكن قد يقال- للتسامح فيها- بها:
في الأوّل من [أجل]:
1- التفصّي عن شبهة الخلاف، و ظاهر إجماع حاشية الوسائل الذي ستسمعه، مع انجباره بالمحكيّ من الشهرة 3.
2- و ما سمعت من مرسلة الوشّاء: «أنّه كان يكره سؤر كلّ شيء لا يؤكل لحمه» [4] على فرض إرادة ما لا يؤكل لحمه و لو بالعارض.
3- و مثله المفهوم المتقدّم [في قوله: «كلّ ما اكل لحمه فتوضّأ من سؤره و اشرب» [5]] الذي أخذه الشيخ سنداً للمنع.
4- مضافاً إلى الأمر بالغسل من عرق الإبل الجلّالة، كما في خبر هشام بن سالم [6].
5- بل قال في حاشية الوسائل مكتوباً في آخرها أنّها «منه»: «استدلّ علماؤنا على كراهة سؤر الجلّالة بحديث هشام ...
و دلالته مبنيّة على أنّهم أجمعوا على تساوي حكم العرق و السؤر- هنا- بل في جميع الأفراد، و الفَرْقُ إحداث قول ثالث. و أيضاً فإنّ بدن الحيوان لا يخلو أبداً من العرق إمّا رطباً و إمّا جافّاً، فيتّصل بالسؤر، فحكمه حكمه، و على كلّ حال، فضعف الدلالة منجبر بأحاديث ما لا يؤكل لحمه» [7] انتهى.
6- مع إمكان التأييد بالاعتبار، سيّما إذا كانت المباشرة بالأفواه؛ لأنّ منشأ رطوباتها من غذاءٍ نجس.
و في الثاني:
1- من بعض ما تقدّم أيضاً.
2- مع أنّه نسب الحكم فيه بالكراهة إلى الأصحاب، كما في الحدائق [8].
3- و يمكن استفادته [الكراهة] أيضاً ممّا تسمعه إن شاء اللّٰه تعالى في الحائض المتّهمة، بل قد يقال باستفادة كراهة كلّ متّهم بالنجاسة منه.
و الفرض- هنا- أنّه باشر الماء مثلًا مع عدم اختبار فمه أو منقاره، و مثله لو اختبر لكن لم نقل بحصول الطهارة بمجرّد الزوال، أو قلنا و لكن قد يبقى أجزاء من النجاسة بحيث لا تراها العين، فتأمّل.