(1) و لعلّ وجه الأوّل: أنّه نجاسة لم يعرف لها مقدار من الشرع، فالاستصحاب ثابت، و لا نتيقّن الطهارة إلّا بذلك، و احتمال الزيادة نقطع بعدمه؛ لأنّها لا تزيد على الأصل، و لأنّها اشتملت على النجاسة التي في المحل، فلا يزيلها إلّا ما يزيلها.
و [وجه] الثاني: أنّه لا ريب بضعف نجاسة المحل في الثانية و الثالثة، و معنى ضعف النجاسة عدم تعدّد الغسل. و أيضاً:
نجاسة المحل بعد الغسل الأوّل تنتقل إلى مثل النجاسة التي وجب بها غسل واحد، و الفرع لا يزيد على الأصل.
و [وجه] الثالث:
1- أصالة البراءة [من الزائد].
2- و إطلاق ما دلّ على غسل النجس.
3- و خبر العيص [1]، فإنّه أمره بالغسل، و هو للطبيعة، مع ترك الاستفصال و اشتماله على متعدّد الغسل [و هو البول].
و في الروضة: «أنّ الثاني إنّما يتمّ فيما يغسل مرّتين، لا لخصوص النجاسة، أمّا المخصوص كالولوغ فلا؛ لأنّ الغسالة لا تسمّى ولوغاً، و من ثمّ لو وقع لعابه في الإناء بغير الولوغ لم يوجب حكمه» [2] انتهى. و منه ينقدح الاعتراض على الأوّل.
لا يقال: [بناءً] عليه أنّ الغسل المتعدّد في سائر النجاسات [غير الولوغ] معلّق على اسم غير حاصل بالغسالة كالبول و نحوه.
لأنّا نقول: الظاهر- بقرينة مثاله- أنّ مراده أنّ تعدّد الغسل في الولوغ لمعنى ليس موجوداً في الغسالة؛ إذ ليس هو للّعاب الموجود فيها، و إنّما هو حكم شرعي لمجرّد الولوغ، و هو غير حاصل في الغسالة، بخلاف البول و غيره، فإنّ فيه [نجاسة] عينيّة فيتبعها الغسالة.
و الحاصل:
[أنّه] يرجع كلامه إلى أنّ الغسالة لمجرّد تعبّد شرعي، لا لوجود عين نجاسة تختص بالاسم الذي تعبّد به الشارع، دون النجاسة العينيّة؛ فإنّها و إن زالت العين لكن الحكم مستند إليها، بخلاف الولوغ، فإنّه ليس راجعاً للعين [3]؛ لما عرفت من أنّ تعدّد الغسل ليس للّعاب [بل للولوغ].
و يحتمل أن يريد بقوله: «إنّما يتمّ ... إلى آخره» أنّ ذلك يتمّ على مذهب من يقول بوجوب الغسل مرّتين في كلّ نجاسة، لا لخصوص نجاسة، و لا يخفى ما فيه من البعد.
و بما وجّهنا به الدليل الأوّل تعرف دفع ما عساه يورد عليه: أنّ الغسالة لم تكن داخلة تحت اسم ما ورد التعدّد فيه؛ لما عرفت أنّه لم يأخذه من ذلك؛ بل ممّا قدّمناه، فلا يتّجه عليه ما ذكر.
[1] الوسائل 1: 215، ب 9 من الماء المضاف، ح 14، و فيه: «قال: سألته عن رجل أصابه قطرة من طشت فيه وضوء؟ فقال: إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه».