و من هنا توقّف في المدارك، فقال: «لم أقف على ما يدلّ على ما يقتضي اشتراطه في شيء من العبادات، و لا مانع من أن يكون واجباً لنفسه، كغسل الجمعة و الإحرام عند من أوجبهما. نعم إن ثبت كون المسّ ناقضاً للوضوء اتّجه وجوبه للُامور الثلاثة، إلّا أنّه غير واضح» [1] انتهى.
و قد يؤيّد بما في صحيح الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في رجل أمّ قوماً فصلّى بهم ركعة ثمّ مات، قال: «يقدّمون رجلًا آخر، و يعتدّون [3] بالركعة، و يطرحون الميت خلفهم، و يغتسل من مسّه» [4]؛ لإشعاره بإرادة الاغتسال بعد الصلاة.
إلّا أنّه- مع عدم صراحته بذلك- قد يكون المراد منه الندب؛ لعدم وجوب الغسل هنا؛ لكون المسّ حال الحرارة كما يقضي به قرب موته منه.
و كيف كان، فلا ينبغي الإشكال في ضعفه، بل بحسب الظاهر كأنّه خرق للإجماع المركب؛ لاتّفاق القائلين بوجوبه على حدثيّته و ناقضيّته للطهارة، كما حكاه عنهم في المصابيح- ناقلًا للتصريح به عن المقنعة و النهاية و الاقتصاد و الجمل و العقود و الكافي و الغنية و الإشارة و الوسيلة و السرائر و المنتهى و الدروس و الذكرى و البيان و الروض و كفاية الطالبين و جامع المقاصد و فوائد الشرائع و منهج السداد و الرسالة الفخرية و غيرها من كتب المتقدّمين و المتأخرين- قال: «و هو أمر مقطوع به في كلامهم، و لا خلاف فيه إلّا ممّن نفى وجوب غسل المسّ» [5].
قلت: و يؤيّده السيرة المستقرّة و العمل المستمرّ في الأعصار و الأمصار على عدم فعل شيء ممّا يشترط بالطهارة كالصلاة و نحوها قبل فعله.
و قد نقل عن جماعة التصريح بتوقّف الغايات الثلاثة عليه، و هي الصلاة و الطواف و مسّ كتابة القرآن، كما هو ظاهر المصنّف و غيره ممّن عبّر كعبارته.
و لعلّه قضية كلام من صرّح بحدثيته و ناقضيته للطهارة ممّن عرفت؛ لمكان اشتراط هذه الغايات الثلاثة بارتفاع الحدث.