و عن التلخيص: «يستحب تباعد البئر عن البالوعة بسبع أذرع مع الرخاوة و التحتية، و إلّا فخمس» [1] و هي كنسخة الإرشاد الأخيرة. و في السرائر: «يستحب أن يكون بين البئر التي يستقى منها و بين البالوعة سبعة أذرع إذا كانت البئر تحت البالوعة و كانت الأرض سهلة، و خمسة أذرع إذا كانت فوقها و الأرض أيضاً سهلة، فإن كانت الأرض صلبة فليكن بينها و بين البئر خمسة أذرع من جميع جوانبها» [2].
و ظاهره أيضاً عدم دخول صورة التساوي [في الخمس و السبع]، إلّا أنّه على عبارة الإرشاد تكون داخلة في الخمس، و على ظاهره تكون مسكوتاً عنها؛ و لعلّ ذلك لندرة التساوي، أو لم يستظهر الدليل عليها كما ستسمع. و عن الصدوق أنّه اقتصر في الفقيه و المقنع [3] على اعتبار الصلابة و الرخاوة، فجعل الخمس مع الاولى و السبع مع الثانية، بل عن المقنع أنّه ذكر خبر الديلمي الآتي و أفتى به قبل ما ذكرناه عنه من اعتبار الصلابة و الرخاوة. و ظاهره حينئذٍ الفرق بين البالوعة و الكنيف؛ لتضمّن خبر الديلمي الكنيف، و ما ذكره من اعتبار الصلابة و الرخاوة في البالوعة، و إن احتمل أنّه لا يفرّق بينهما، إلّا أنّه اعتبر الصلابة و الرخاوة، ثمّ اعتبر فوقية الجهة، كما في خبر الديلمي. بل لعلّه الأقوى؛ لما عن الفقيه من جعل موضوع المسألة البالوعة و الكنيف من غير فرق بينهما.
و المعروف من نقل الخلاف في المسألة عن ابن الجنيد في المختصر الأحمدي قال ما صورته: «لا أستحبّ الطهارة من بئر يكون بئر النجاسة التي يستقرّ فيها من أعلاها في مجرى الوادي، إلّا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنا عشر ذراعاً، و في الأرض الصلبة سبع أذرع، فإن كان تحتها و النظيفة أعلاها فلا بأس، و إن كانت محاذيتها في سمت القبلة فإذا كان بينهما سبعة أذرع؛ فلا بأس تسليماً لما رواه ابن يحيى عن سليمان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)[4]» [5] انتهى.
و كلامه ظاهر في اعتبار الاثني عشر ذراعاً بشرطين: الأوّل: علوّ البالوعة الكائنة في مجرى الوادي، و الثاني: كون الأرض رخوة، و أمّا حيث تكون البئر أعلى فلا بأس، و إذا كانت الأرض صلبة فسبع، و كذلك في صورة المحاذاة في سمت القبلة، فإنّه يكتفى بالسبع حتى لو كانت الأرض رخوة. و المراد بالعلوّ في كلامه علوّ الجهة، لا علو القرار، مع احتمال إرادته، لكنّه بعيد سيّما بعد الاستناد إلى خبر الديلمي، كما ستسمع إن شاء اللّٰه.
و كيف كان، فحجّة المشهور: الجمع بين قول الصادق (عليه السلام) في مرسلة قدامة بن أبي يزيد الجمّاز، قال: سألته كم أدنى ما يكون بين البئر- بئر الماء- و البالوعة؟ فقال: «إن كان سهلًا فسبع أذرع، و إن كان جبلًا فخمس أذرع، ثمّ قال: إنّ الماء يجري إلى القبلة إلى يمين، و يجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة، و يجري عن يسار القبلة إلى يمين القبلة، و لا يجري من يمين القبلة إلى دبر القبلة» [6]، و قول الصادق (عليه السلام) في خبر الحسن بن رباط: سألته عن البالوعة تكون فوق البئر؟ قال: «إذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع، و إذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع من كلّ ناحية، و ذلك كثير» 7.