2- (و) كذا ينزح عشر (لقليل الدم) غير الدماء الثلاثة، و المراد بالقلّة في نفسه، لا بالنظر للبئر على الأصحّ (1)، (كدم الطير، و الرعاف اليسير) و غيرهما من القطرة و القطرتين (2). (و) لكن (المروي) (3) [ (دلاء يسيرة)].
(1) و ما في السرائر من حدّ أكثر القليل بأنّه ما نقص من دم شاة [1] و نسبته فيها إلى رواية أصحابنا، لم نتحقّقه كما عرفت سابقاً [2].
1/ 240/ 456
(2) و في السرائر نفي الخلاف فيه إلّا من المفيد فخمس، و عن الغنية الإجماع عليه 3.
(3) في صحيح علي بن جعفر (عليه السلام) بعد أن سأله عن وقوع الشاة المذبوحة التي تشخب أوداجها دماً في البئر؟ فقال: «ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين»، قال: و سألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر، هل يصلح أن يتوضّأ منها؟ قال: «ينزح منها (دلاء يسيرة)» [4]. و في رواية عمّار الساباطي قال: سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل ذبح طيراً فوقع بدمه في البئر؟ فقال (عليه السلام):
«ينزح [منها] دلاء» [5]. و في صحيح ابن بزيع: في البئر تقطر فيها قطرات من بول أو دم، فقال (عليه السلام): «ينزح منها دلاء» [6].
إلّا أنّه ينبغي تنزيلها على العشر، فالمطلق في هذه الأخبار منزّل على المقيّد؛ لإجماع الغنية المعتضد بنفي الخلاف من ابن إدريس و الشهرة في كشف اللثام. و فيه [في كشف اللثام] أيضاً: «أنّهم حملوا مطلق الخبرين على العشر؛ لأنّه أكثر عدد يميّز بالجمع، و لأنّ قيد اليسيرة قد يصلح قرينة على إرادة معنى جمع القلّة» [7].
قلت: هذا التوجيه منقول عن الشيخ [8]. و اعترضه في المعتبر: «بأنّا لا نسلّم أنّه إذا جرّد عن الإضافة كانت حاله كذا؛ إذ لا يعلم من قوله: «عندي دراهم» أنّه لم يخبر عن زيادة عن عشرة، و لا إذا قال: «أعطه دراهم» يعلم أنّه لم يرد أكثر من عشرة، فإنّ دعوى ذلك باطلة» 9. و اعترض المعتبر في المنتهى: «بأنّ الإضافة هنا و إن جرّدت لفظاً لكنّها مقدّرة، و إلّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة». ثمّ قال: «إذا عرفت هذا فنقول: لا بدّ من إضمار عدد يضاف إليه [إلى الجمع] فيحمل على العشرة التي هي أقلّ ما يصلح إضافته إلى هذا الجمع؛ أخذاً بالمتيقّن و حوالة على الأصل من براءة الذمّة» [10]. و اعترض المنتهى في المدارك: «بأنّه لا يلزم من عدم تقدير الإضافة هنا تأخير البيان عن وقت الحاجة، و إنّما يلزم لو لم يكن له معنى بدون التقدير، و الحال أنّ له معنى كسائر صيغ الجموع، و لو سلّم وجوب التقدير لم يتعيّن العشرة. و قوله: «إنّ أقلّ ما يصلح ... إلى آخره» ممنوع و إنّما أقلّه ثلاثة، فيحمل عليها لأصالة البراءة من الزائد» 11. و التحقيق أن يقال: إنّه من المعلوم أنّ العدد من ثلاثة إلى عشرة مميّزه جمع مجرور، و ما زاد عليه مفرد منصوب كما هو مقرّر في محلّه، و أنّ التحقيق عدم الفرق بين جمع القلّة و الكثرة، بل الجمع يصدق على ثلاثة فصاعداً. و أنّ ما ذكره بعض أهل العربية [12]- من الفرق بينهما بأنّ جمع الكثرة لما زاد على العشرة بخلاف جمع القلّة- وهْمٌ بشهادة العرف و الاستقراء، كما هو المذكور في محلّه.