و مع ذلك كلّه، ففيه رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، قلت: بول الرجل، قال: «ينزح منها أربعون دلواً» [1].
و ما في سند هذه الرواية- من علي بن أبي حمزة، و أنّه واقفي قد أكل أموال الكاظم (عليه السلام) ظلماً و عدواناً- منجبر بما سمعت، مع أنّه نقل عن الشيخ الإجماع على العمل بروايته [2].
و في المعتبر: «لا يقال: إنّ علياً واقفي؛ لأنّا نقول: تغيّره إنّما هو في موت موسى (عليه السلام)، فلا يقدح فيما قبله» [3]. و لعلّ غرضه أنّ عمل الأصحاب بروايته هنا- مع عدم اتّفاقه على العمل برواية مثله- قد يكون لاطلاعهم على تأدية الرواية قبل الوقف، فلا يرد عليه أنّ العبرة في حال الأداء لا التحمّل، فتأمّل.
و كيف كان، فلا ينبغي الإشكال في العمل بهذه الرواية هنا.
و في المنتهى: «علي بن أبي حمزة لا يعوّل على روايته غير أنّ الأصحاب قبلوها» [4].
و أمّا رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): في البئر يبول فيها الصبي أو يصبّ فيها بول أو خمر، قال (عليه السلام): «ينزح الماء كلّه» [5]، فهي مع صحّة سندها قد أعرض عنها الأصحاب، فلا مانع من حملها على التغيير أو الاستحباب أو غير ذلك، كرواية كردويه: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر؟ قال (عليه السلام): «ينزح ثلاثون دلواً» [6] إذ هي- مع عدم التصريح فيها بأنّ البول بول الرجل، و اشتمالها على ما لا نقول به- لا سبيل للعمل بها؛ لعدم الجابر لها؛ لجهالة كردويه كما عن مختلف الفاضل [7].
و أمّا صحيحة ابن بزيع عن الصادق (عليه السلام) في القطرات من بول أو دم، قال: «ينزح دلاء» [8]، فهي- مع عدم التنصيص فيها على بول الرجل- لا معارضة فيها؛ لحمل الدلاء على ما تبلغ الأربعين.
و من العجيب ما في المنتهى بعد ذكر الروايات: «و الأقرب عندي الأخذ برواية محمّد بن بزيع؛ لسلامة سندها، و بحمل الدلاء على رواية كردويه [أي الثلاثين]؛ فإنّها لا بأس بها» 9 انتهى.
قلت: رواية علي بن أبي حمزة التي نقل عن الأصحاب قبولها أولى من رواية كردويه، مع أنّه نسبها في المعتبر 10 إلى الشذوذ.