و الظاهر أنّ مدار الكثرة بالنسبة إلى الدم نفسه (1).
(1) لأنّه هو المتبادر من الفتوى. فما قيل [1]: إنّ مدارها هنا بحسب الماء قلّة و كثرة، فقد يكون الدم كثيراً بالنسبة إلى بئر لقلّته، قليلًا بالنسبة إلى اخرى لسعتها، لا وجه له، إلّا وجه اعتباري لا يصلح لأن يكون مستنداً لحكم شرعي.
و كيف كان، فما ذكره [المصنّف] هو المشهور، كما في الذكرى و كشف اللثام [2]، و عن الغنية الإجماع عليه 3. و في السرائر: «و ينزح لسائر الدماء النجسة من سائر الحيوان- سواء كان مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم، نجس العين أو غير نجس العين، ما عدا دم الحيض و الاستحاضة و النفاس- إذا كان الدم كثيراً، فحدّ أقل الكثير دم شاة خمسون دلواً، و القليل منه و حدّه ما نقص من دم شاة، فإنّ أكثر القليل عشر دلاء بغير خلاف إلّا من شيخنا المفيد في مقنعته، فإنّه ذهب إلى أنّ لكثير الدم عشر دلاء و القليل خمس دلاء، و الأحوط الأوّل و عليه العمل» [4] انتهى.
و قد فهم منها في كشف اللثام نفي الخلاف عمّا نحن فيه، و هو محتمل، بل لعلّه الظاهر. و عن المرتضى: أنّ للدم ما بين دلو إلى عشرين [5]. و عن الصدوق: أنّه ينزح في دم ذبح الشاة من ثلاثين إلى أربعين، و هو خيرة المعتبر و المنتهى [6] و عن المختلف [7]، و استحسنه في الذكرى 8. و في كشف اللثام: «أنّه أقرب» [9].
و الأقوى الأوّل؛ للإجماع المنقول عن الغنية المعتضد بنفي الخلاف و الشهرة التي سمعت نقلها. فهو أرجح من صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهما السلام): في رجل ذبح شاة [فاضطربت] فوقعت في بئر [ماء] و أوداجها تشخب دماً، قال (عليه السلام): «ينزح منها ما بين [] الثلاثين إلى [ال] أربعين» [10]. على أنّ قوله (عليه السلام): «ما بين ثلاثين ... إلى آخره» محتمل وجهين: الأوّل التخيير، و الثاني تمام ما بينهما.
لا يقال: حينئذٍ يكتفى بالعشرة كما قاله المفيد 11.
لأنّا نقول: إضافة البينية إلى الثلاثين ملحوظة، و لا تحصل إلّا بإحراز الثلاثين. و مع الغضّ عن الأرجحية و إعراض الأصحاب عنها مع أنّها بمنظر منهم، يحصل الشكّ من تصادم الحجّتين، و الاحتياط لازم هنا؛ لشغل الذمّة و استصحاب النجاسة، و لا قائل بالزيادة على الخمسين، فتكون هي طريق اليقين.
و أمّا ما ذكره المفيد، فلا دليل عليه سوى ما ستسمعه في القليل من الدم. و أمّا ما ذكره المرتضى، فقد يستدلّ له بخبر زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر، قال: «الدم و الخمر و الميتة و لحم الخنزير في ذلك سواء، ينزح منه عشرون دلواً» [12].
و هو: 1، 2- مع أنّه لا دلالة فيه على ما ذهب إليه من الواحد إلى العشرين، و مشتمل على ما لا نقول به. 3- [أنّه] مطلق مقيّد بما سمعت. 4- على أنّه محتاج إلى جابر، و هو مفقود.