و عن البهائي إنكار ذلك كلّه و أنّه «لا استبعاد في شيء ممّا ذكر، فإنّ البرقي و إن لم يدرك الصادق (عليه السلام) لكنّه أدرك أصحاب الصادق (عليه السلام)، كما يقضي به كثير من الأخبار؛ لروايته عن داود بن أبي يزيد قتل الأسد في الحرم [1]، و عن ثعلبة بن ميمون حديث الاستمناء باليد [2]، و عن زرعة حديث صلاة الأسير [3]، و أيضاً فالشيخ عدّ البرقي من أصحاب الكاظم (عليه السلام). و أمّا الواسطة بينه و بين الصادق (عليه السلام) فإنّه قد وجد في الروايات، كتوسّط عمر بن يزيد في دعاء آخر سجدة من نافلة المغرب [4]، و توسّط حفص الأعور في تكبيرات الافتتاح [5]. و قد يتوسّط شخص بعينه بين كلّ من محمّد و عبد اللّٰه و بين الصادق (عليه السلام) كإسحاق بن عمار، فإنّه متوسّط بين محمّد و بينه (عليه السلام) في سجدة الشكر [6]، و هو بعينه أيضاً متوسّط بين عبد اللّه و بينه (عليه السلام) في طواف الوداع [7]، و لعلّ روايتنا في المقام من ذلك» [8] انتهى.
لكن الإنصاف أنّه محمّد، و كأنّ البهائي لم يعثر في شيء من الروايات على رواية البرقي عن عبد اللّه، و لذلك لم يذكره مع أنّه العمدة في المقام. و من المستبعد أنّه [البرقي] شافهه و لم ينقل عنه إلّا هذه الرواية. و قد صرّح الاستاذ [البهبهاني] في حاشية المدارك بأنّ الظاهر أنّه محمّد لكنّه ذكر: أنّه حقّق في الرجال أنّه ثقة [9]، و لعلّه لحسن ظنّه (رحمه الله) عوّل على ما نقل عن المفيد (رحمه الله) في إرشاده: «أنّه من خاصّة الكاظم (عليه السلام) و ثقاته و أهل الورع و العلم و الفقه من شيعته و ممّن روى النصّ على الرضا (عليه السلام)» [10]، و للبحث فيه مقام آخر. و كيف كان، فلا شهرة تجبر الرواية و لا ما أرسله في المجالس. على أنّ التعارض بينها و بين رواية المشهور [عن أبي بصير]- بناءً على اعتبار مفهوم العدد- تعارض الإطلاق و التقييد.
و لعلّك في التأمّل فيما ذكرنا تستفيد رجحان المشهور [في المساحة] زيادة على ذلك، فتأمّل.
و أمّا الثالث [أي القول بمائة شبر] و هو مذهب ابن الجنيد: فلم نقف له على مأخذ، و ما أبعد ما ذهب إليه هنا و ما ذهب إليه في الوزن من أنّه ألف و مائتا رطل و ما ذهب إليه أيضاً من القلّتين. و يضعّفه غاية الضعف إعراض الأصحاب عنه.
و مستند الرابع [أي القول بستة و ثلاثين شبراً]: صحيحة إسماعيل بن جابر، قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): الماء الذي لا ينجّسه شيء؟ قال: «ذراعان عمقه، في ذراع و شبر سعته» [11]. و في المدارك: أنّها أصحّ رواية وقف عليها [12].
و يبلغ تكسيره حينئذٍ إلى ستة و ثلاثين شبراً؛ لأنّ المراد بالذراع القدمان كما يظهر من أخبار المواقيت [13]، و القدم شبر، و هو مبني على أنّ المراد بالسعة كلّ من جهتي الطول و العرض، فيكون كلّ منهما ذراعاً و شبراً [أي ثلاثة أشبار]، فتضرب الثلاثة في الثلاثة تبلغ تسعة، فتضرب في أربعة العمق فتبلغ المقدار المذكور.