و من هنا يظهر التأمل فيما ذكره المحقق الاصفهاني (ره) في المقام فانه ذكر انه لا فرق في قبح الفعل المتجرّى به بين أن يكون الحسن و القبح من مدركات العقل مع كونها أمرين واقعيين، و ان يكونا من مجعولات العقلاء، ثم اختار انهما من مجعولات العقلاء.
و ذكر في وجهه ان حسن العدل و قبح الظلم ليسا من القضايا البرهانية، و ذلك لأن مواد القضايا البرهانية منحصرة في ست: الأوليات، و الفطريات، و الحسيّات، و المتواترات، و التجربيات، و الحدسيات. و حسن العدل و قبح الظلم ليسا من الأوليات لانهما ليستا كقضية «الكل اعظم من الجزء» من الضروريات و ليسا من الفطريات و هي القضايا التي تكون قياساتها معها، و مدركه بادراكها كقضية «الأربعة زوج»، فان قياس هذه القضية و هو كونها منقسمة بمتساويين يدرك بإدراكها، و ليسا من المحسوسات لأن أياً من الحواس الظاهرة و الباطنة لا يدركهما، و ليسا من الثلاث الأخيرة كما هو واضح فلا بد أن يكونا من المشهورات (1).
فان هذا الكلام منظور فيه، أولًا: لما تقدم من جريان الاشكال المتقدم الذي ذكره هو ايضا كالسيد الاستاذ في تعدد الجعل الشرعي.
و ثانيا: لأن ما استدل به على كونهما من مجعولات العقلاء و المشهورات، و هو انحصار مواد القضايا البرهانية في الست المذكورة بنفسه، ليس من جملة المواد الست؛ فان الانحصار ليس من الاوليات بحيث يكون ضروري الادراك، و لا من الفطريات بحيث يكون قياسه مدركا بادراك نفسه، و لا من المحسوسات لعدم ادراكه بأحد الحواس الظاهرة و الباطنة، و لا من المتواترات، و التجربيات، و الحدسيات كما لا يخفى.
إذا فانحصار مواد القضايا البرهانية في الست من المشهورات، فيتوقف هذا الانحصار على عدم كون حسن العدل و قبح الظلم اللذين ليسا من القضايا الست من