لا إشكال في أنّ المتبادر من بعض صيغ المضارع هو المعنى الاستقبالي، و لا يطلق على المعنى الحالي إلّا نادراً، و هو الكثير منها، كيقعد و يقوم و يذهب و يجلس و ينام، إلى غير ذلك. كما أنّ المتبادر من بعضها الآخر المعنى الحالي، كقولك:
«يعلم زيد» إذا سُئلت عن علمه. و منه قوله تعالى: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ»[1]. و من هذا النحو: يحسب و يظنّ و يقدر و يشتهي و يريد؛ فإنّ المتبادر منها المتلبّس بالمبدإ في الحال، كما لا يخفى؛ حتّى بالنسبة إلى معاني تلك الصيغ في اللغة الفارسية؛ فإنّ معنى أعلم «مىدانم»، و أظنّ «گمان مىكنم» و هكذا، كما لا يخفى.
فيقع السؤال عن وجه الاختلاف فيها:
فنقول: يبعد أن يكون منشأ الاختلاف تعدّد الوضع؛ بأن يقال: إنّه وضعت هيئة المضارع في بعض الموارد للدلالة على المعنى الاستقبالي، و في بعض آخر للدلالة على المعنى الحالي. أو وضعت هيئة المضارع مقارنة لمادّة كذا للدلالة على المعنى الاستقبالي، و مقارنة للمادّة الاخرى للدلالة على المعنى الحالي.
و لا يصحّ أن يقال: إنّ الهيئة موضوعة للجامع بين الحال و الاستقبال؛ لما أشرنا في الجهة السابقة أنّ مدلولها معنى حرفي، و لا يكون بين المعاني الحرفية جامع كذلك.
نعم، لا يبعد أن يقال: إنّ هيئة المضارع وضعت للمعنى الاستقبالي، إلّا أنّه استعملت كثيراً في المتلبّس بالحال مجازاً، إلى أن صارت حقيقة فيه.
و إن أبيت عمّا ذكرنا فنقول: لا طريق لنا إلى إحراز ذلك، و لا نعلم نكتة اختلاف هيئات المضارع في ذلك، و لا يهمّ ذلك.