سبق أنّ العرف يحكم بعد ملاحظة حديث الرفع و دليل اعتبار الأجزاء و الشرائط بأنّها إنّما تعتبر في حقّ العالم بها، و لا نحتاج إلى تجشّم إثبات أنّ غير الجزء المشكوك فيه- مثلًا- مأموراً به، فراجع.
و لو سلّم أنّ لسان تلك الأدلّة الأمر بترتّب الآثار فمقتضاها أيضاً الإجزاء؛ لما عرفت أنّ الظاهر منها هو ترتّب آثار الواقع، و مجرّد جواز الدخول في العمل- مضافاً إلى عدم كونه أثراً شرعياً، بل حكم العقل كما أشرنا- لم يكن بحيث يكون أثراً ظاهرياً، فتدبّر.
هذا كلّه في الاصول غير المحرزة.
و أمّا الاصول المحرزة فمنها و هو:
المورد الثالث: الاستصحاب
يحتمل بدءاً في قوله (عليه السلام):
«لا ينقض اليقين بالشكّ أبداً، و إنّما ينقضه بيقين آخر»
[1] وجوه و احتمالات؛ و ذلك لأنّه بعد أن لم يرد بالنقض النقض الاختياري و الحقيقي- لانتقاضه بالشكّ قهراً- فيكون الباب باب التعبّد، فالتعبّد إمّا:
1- ببقاء اليقين في ظرف الشكّ؛ من حيث إنّ الشكّ أمر هيّن فلا يسع له أن ينقض الأمر المحكم- و هو اليقين- به، فعلى هذا الاحتمال يكون المراد ب
«لا ينقض اليقين بالشكّ»
إطالة عمر اليقين في ظرف الشكّ تعبّداً.
2- أو تنزيل الشكّ منزلة اليقين، فالشكّ في طهارة شيء- مثلًا- بعد العلم بطهارته بمنزلة العلم بطهارته.
[1]- تهذيب الأحكام 1: 8/ 11، وسائل الشيعة 1: 174، كتاب الطهارة، أبواب نواقض الوضوء، الباب 1، الحديث 1.