نعم في إنفاذ بنائهم على ما هم عليه حكمة؛ و هي تسهيل الأمر؛ لعدم حصول العلم غالباً و صعوبة العمل بالاحتياط.
فتحصّل: أنّ في محلّ البحث- و هو المركّب الارتباطي [1]- لو قامت أمارة على كون شيء جزءاً و لم يكن جزءاً في الواقع، أو نفى جزئية شيء يكون جزءاً في الواقع، و كذلك في جانب الشرط أو المانع لا يوجب ذلك تصرّفاً في الواقع، و لا تمسّ كرامته، بل يكون الواقع باقياً على ما هو عليه.
و أمّا على الوجه الأخير- أي القول بكون الأمارة ممّا أسّسها الشارع- فكذلك أيضاً؛ لأنّه لو فرض أنّ لسان قوله (عليه السلام):
«لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا ...»
[3] تأسيس أمارة، فمعناه ليس إلّا حجّية الواقع و التحفّظ عليه، من دون أن يوجب تصرّفاً فيه أو قلب الواقع عمّا هو عليه.
و بعبارة اخرى: تأسيس الشارع أمارة معناه إيجاب العمل على طبق الأمارة، و بعد تأسيس الأمارة يكون ما أسّسه مثل ما يراه العقلاء أمارة و تقع في عرضها؛ فكما لا يكون مقتضى الأمارات الموجودة عندهم الإجزاء- كما أشرنا إليه- فكذلك في المصداق الذي أسّسه الشارع.
فاتّضح ممّا ذكرنا: أنّ متعلّق الجعل لا بدّ و أن يكون له كاشفية في نفسه، كالظنّ غير المعتبر.
[1]- قلت: و أمّا غير المركّب الارتباطي فالظاهر أنّه خارج عن محلّ البحث. [المقرّر حفظه اللَّه].
[2]- الكافي 1: 329/ 1، وسائل الشيعة 18: 99، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 4.
[3]- رجال الكشي: 535/ 1020، وسائل الشيعة 18: 108، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 40.