كان يتعلّق الوجوب به لا بغيره؛ فإذا تعلّق الأمر بنفس الطبيعة لا يمكن أن يدعو إلى أمر زائد عنها؛ من زمان خاصّ أو غيره.
فوزان الزمان وزان المكان، و كلاهما كسائر القيود العرضية لا يمكن أن يتكفّل الأمر المتعلّق بنفس الطبيعة إثبات واحد منها؛ لفقد الوضع و الدلالة و انتفاء التشابه بين التكوين و التشريع.
فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ هيئة الأمر لا يكاد تدعو و تنحدر إلّا إلى متعلّقه، و متعلّقه ليس إلّا نفس الطبيعة فهي مبعوثة إليها ليس إلّا، فالفور و التراخي كسائر القيود خارجة عن حريم دلالة لفظ الأمر.
ذكر و إرشاد: في الاستدلال على الفور بأدلّة النقل
ربّما يستدلّ لوجوب إتيان الواجبات فوراً ببعض الآيات، كقوله تعالى:
«فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ»*[1]، و قوله عزّ من قائل: «وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ»[2]
. تقريب الاستدلال: هو أنّه دلّت الآيتان على لزوم الاستباق إلى الخيرات و المسارعة إلى مغفرة الربّ تعالى.
و واضح: أنّ متعلّقات الأوامر خيرات محضة؛ فيجب الاستباق و المسارعة إليها. و من المعلوم: أنّ المسارعة إلى فعل الغير لا معنى له؛ لأنّ المغفرة هي فعله تعالى؛ فالمراد بلزوم المسارعة إليها المسارعة إلى سببها و الطريق إليها و نحوها، و هي فعل الواجب.