. ثمّ إنّ شيخنا العلّامة الحائري- وفاقاً للمحقّق الرشتي 0 [2]- قال: إنّ الألفاظ ليست لها علاقة مع معانيها مع قطع النظر عن الوضع، و به يوجد نحو ارتباط بينهما، و لا يُعقل جعل العلاقة بين الأمرين اللذين لا علاقة بينهما أصلًا، و إنّما المعقول تعهّد الواضع و التزامه، بأنّه متى أراد معنىً و تعقّله، و أراد إفهام الغير تكلّم بلفظ كذا، فإذا التفت المخاطب لهذا الالتزام ينتقل إلى ذلك المعنى عند استعمال ذلك اللّفظ فيه، فالعلاقة بين اللّفظ و المعنى تكون نتيجة لذلك الالتزام.
ثمّ قال (قدس سره): و ليكن على ذكر منك، ينفعك في بعض المباحث الآتية إن شاء اللَّه.
. و فيه أوّلًا: أنّه إنّما يتمّ إذا قلنا: بأنّ الوضع إيجاد عُلقة تكوينيّة بين اللّفظ و المعنى، و قد عرفت خلافه؛ لأنّ الحقّ- كما سنشير إليه- أنّ الوضع: عبارة عن جعل لفظٍ علامةً للمعنى، فكثيراً ما لا تلاحظ بين اللّفظ و المعنى مُناسبة، فترى أنّه يوضع لفظ «بحر العلوم»- مثلًا- لمن لا علم له أصلًا، بل جاهل محض، و بعد وضعه له يتّبعه الناس في التسمية، إذا كان للواضع نفوذ و موقعيّة في الأهل أو المجتمع، و هكذا ربّما يُوضع لفظ «عَلم الهدى» لمن لا موقف له في الهداية، فضلًا عن أن يكون عَلَماً لها ... و هكذا.
و ثانياً: أنّه ربّما يكون الواضع غافلًا عن هذا التعهّد و الالتزام، و مع ذلك تكون
[1]- قلت مضافاً إلى ما افيد: إنّه لم يتبيّن بهذا التعريف ماهيّة الوضع، بل هو نحو فرار من تعريفه؛ بداهة أنّه يمكن أن يقال بمثل ما ذكره في تعريف كلّ مجهول، مثلًا يمكن أن يقال: إنّ العقل نحو موجود في الخارج، و الإنسان نحو موجود كذلك ... و هكذا، و التعريف الحقيقي للوضع عبارة عمّا يُعرف به حقيقة العُلْقة الحاصلة بين اللّفظ و معناه. المقرّر