قولهم: «موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة» [1] هو العرض باصطلاح المنطقي لا الفلسفي، فإنّ العرض باصطلاح الفلسفي: عبارة عن ماهيّة شأن وجودها في الخارج أن يكون في موضوع، و يقابله الجوهر [2]، و العرض باصطلاح المنطقي: هو الخارج من ذات الشيء المتّحد معه في الخارج، و الذاتي عندهم ما ليس كذلك [3]، و بين الاصطلاحين بون بعيد.
و العرض باصطلاح المنطقي: قد يكون جوهراً، كالناطق بالنسبة إلى الحيوان، و بالعكس؛ حيث إنّ كلًا منهما خارج عن ذات الآخر و يحمل عليه، كأنّه قد يكون عرضاً من الأعراض، فالعرض باصطلاح المنطقي أمر نسبي، فإنّ الفصل، كالناطق- مثلًا- بالنسبة إلى الجنس عرض خاصّ، و بالنسبة إلى النوع- المؤلّف منه- ذاتيّ.
و أمّا العرض باصطلاح الفلسفي: فهو أمر ثابت حقيقيّ منحصر في المقولات التسع العرضيّة.
و يشهد على كون المراد بالعرض هنا العرض باصطلاح المنطقي: هو أنّ الفيلسوف الإلهي يرى أنّ موضوع علمه هو الوجود بما هو موجود، و يبحث في فلسفته عن أنّ اللَّه تعالى موجود، و الجوهر موجود، و الجسم موجود ... و هكذا، و يرى أنّ هذه الأبحاث عوارض ذاتيّة للوجود، و من المعلوم أنّه لم تكن محمولات تلك المسائل و لا موضوعاتها أعراضاً باصطلاح الفلسفي، فتكون أعراضاً باصطلاح المنطقي.
فعلى هذا يكون كلّ واحد من الموضوع و المحمول في المسائل الفلسفيّة عرضاً بالنسبة إلى الآخر، مثلًا في مسألة «الجسم موجود» يكون كلّ واحد من الجسميّة و الوجود، خارجاً من ذات الآخر مفهوماً؛ أي لا يكون عينه و لا جزءاً له و متحداً مع
[1]- شرح الشمسيّة: 15 سطر 1، شرح المطالع: 18 سطر 8.