المتكلّم و تموّج الهواء به، يحصل منه في ذهن السامع ما هو الكاشف عن نفسه، و يكون من قبيل الحركة الانعطافيّة، و يكون أشبه شيء بالحركة القسريّة التي تحصل للحجر الصاعد مستقيماً و الهابط كذلك، فبسماع اللّفظ ينتقل السامع إلى ذلك اللّفظ نفسه.
و لا يخفى أنّه فرق بين استعمال اللّفظ الموضوع و إرادة شخصه، و بين استعمال غيره من المهملات و الأصوات، فإنّ الذهن في الأوّل إذا لم تكن هناك قرينة على عدم إرادة المعنى الموضوع له لينتقل إليه، ينعطف الذهن إلى اللّفظ نفسه، بخلاف الثاني؛ لأنّ المهملات و نحوها لا معنى لها حتّى ينتقل الذهن إليه بسماعه.
و بالجملة: وزان اللّفظ الموضوع- بعد تلك القرينة- وزان الصوت الخارج عن ذي الصوت، كالذبابة تهدي إلى نفسها.
فبعد ما أحطت خُبراً بما ذكرنا عرفت: أنّ باب إلقاء اللّفظ و إرادة شخصه غير باب دلالة اللّفظ على معناه؛ حتّى يشكل أحد بلزوم اتّحاد الدالّ و المدلول؛ لكي يدفع بعضهم الإشكال: بكفاية التغاير الاعتباري، و يدفع آخر: بعدم الاحتياج إلى التغاير الاعتباري أيضاً.
و بعد ما عرفت حقيقة الأمر و الفرق بين البابين، لو أردت إطلاق الدلالة على إلقاء اللّفظ و إرادة شخصه فلا مشاحّة فيه؛ لأنّ النزاع لم يكن في الإطلاق اللّفظي و لو مُسامحة، بل في الفرق الواقعي بين البابين، فتدبّر.
الجهة الثانية في استعمال اللّفظ و إرادة مثله
و ذلك بأن يقال: «زيد» في «ضرب زيد»- الواقع في كلامي سابقاً أو كلامك- فاعل، أو لفظ ... إلى غير ذلك من الأحكام.
و لا يخفى أنّ المستعمل فيه هنا إنّما هو مماثل للمستعمل، و دلالة هذا تشبه أن