و يتبيّن بقرينة كلمة «أن أبا جعفر» أنّه هو الإمام هو الصادق (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبّة فراء، لا يدري أ ذكيّة هي أم غير ذكيّة، أ يُصلي فيها؟ فقال (عليه السلام): «نعم، ليس عليكم المسألة، ثمّ يستشهد الإمام (عليه السلام) بالقول: إنّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: إنّ الخوارج ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم، إنّ الدين أوسع من ذلك» [1]. الرواية هذه واضحة في سؤالها، حيث لا يوجد في السؤال أيّ غموض، و لا مجال للشكّ و الترديد فيها فالسؤال هو عن جبّة فراء اشتراها أحدهم، و يشكّ هل هي نجسة أو طاهرة، فهل له أن يصلّي فيها؟ و يجيبه الإمام (عليه السلام): «لا مانع من ذلك، ليس عليكم المسألة، إنّ الدين أوسع من ذلك» لأنّ مقتضى القول أنه لو لا قاعدة الحرج للزم التحقيق، أي لو لم تكن قاعدة الحرج، و لو لم يكن الدين أوسع من ذلك لكان التحقيق أمراً لازماً؟ و السؤال الذي يرد هنا: ما هو الأساس في لزوم التحقيق؟ هل أنّ لزوم التحقيق نابع من أنّ طهارة الثوب شرط صحّة الصلاة، و على الإنسان أن يحرز هذا الشرط، إذ أنّ وجود شرط داخل في الواجب المفروض على المكلّف يملي عليه أن يتأكّد من تحقّقه، و لا يكفي أن نشكّ في ذلك، فالشكّ في الشرط لا يوجب الاكتفاء بما أوتي به مع الشكّ في المشروط، و من هنا فإنّ الطّهارة شرطٌ لا بدّ من إحرازه، و الإمام يقول: «ليس عليكم المسألة» هذا من جانب. و من جانب آخر فإنّ إحراز الطهارة أمرٌ لازم في تحقّق الصلاة، فما الأصل الذي حلّ محلّ الشرط في إحراز الطهارة و على أساسه قال الإمام (عليه السلام): ليس عليكم المسألة؟
[1]. الوسائل 3: 491، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحديث 3.