و هو من الاصول المعتبرة الجارية في تمام أبواب الفقه. و قد عرّف بتعاريف جميعها تشير إلى المعنى المعهود، و ليست بحدود حقيقية منطقية، فلا وجه للإشكال عليها بالنقض و الإبرام، و لعل الأولى الإشارة إليه: بأنه «إسراء أثر ما يعتذر به سابقا إلى زمان الشك فيه».
و لا بد من تقديم امور:
[الأول: الفرق بين المسألة الأصولية و الفقهية، و القاعدة الفقهية]
الأول: قد تكرر في هذا الكتاب أن المسألة الاصولية الكبرى الكلية التي تستنتج منها الأحكام، كقول: «كل أمر ظاهر في الوجوب»، فإنه بضميمة أن «هذا أمر و كل أمر ظاهر في الوجوب» يستنتج منه الوجوب لا محالة. و كذا في سائر مسائله من أوله إلى آخره. و القاعدة الفقهية ما يبحث فيها عما يتعلّق بالإنسان من حيث الوظيفة الشرعية، و لا يختص بباب دون باب، كقاعدة نفي الحرج، و الضرر و غيرهما من القواعد العامة، و قد تطلق القاعدة على ما يختص بباب خاص أيضا، كقاعدة «لا تعاد الصلاة إلا من خمس»، و «لا شك لكثير الشك» و نحوهما مما هو كثير و لا مشاحة في الاصطلاح.
و المسألة الفقهية ما يبحث فيها عمّا يتعلّق به و تختص بباب خاص، كوجوب الصلاة مثلا، و قد تطلق على ما لا يختص بباب، كوجوب الوفاء بالعقود الجارية في جميع أبواب المعاملات مطلقا، و وجوب أداء حقوق الناس الجارية في الزكاة و الفطرة و الخمس و المعاوضات و النفقات و الديات و غيرها.