و أما القسمان الأولان فليست فيهما إلّا حالة وحدة، و هي عدم التلبس بعد، و التلبّس بالفعل من كل جهة، و لا خلاف في أن الإطلاق في الأول مجازي، كما لا خلاف و لا إشكال في أنه في الثاني حقيقي، و إنما اختلفوا في الأخير، فالمعروف أنه مجازي، و عن جمع أنه على نحو الحقيقة أيضا. و من ذلك يعرف أن المراد بلفظ الحال في العنوان حالة تلبّس الموضوع بالمحمول، و فعلية صدق المحمول عليه لا غيرها. لا حال النطق- أي زمان التكلم بالقضية- لعدم دلالتها على الزمان، للأصل و الوجدان و الاتفاق.
نعم، تقع كل قضية في الزمان، و هو غير دلالتها عليه، كما هو واضح.
و حال فعلية صدق المحمول هي حال التلبس و حال النسبة المذكورة في كتب القوم.
نعم، حال النسبة بناء على كون المشتق حقيقة في التلبس تكون عينه، و بناء على كونه حقيقة في الأعم يكون موافقا للأعم، كما لا يخفى.
و أما القضايا الأزلية التي تستعمل في صفات الباري عزّ و جلّ الجمالية و الجلالية، فهي خارجة عن المقام بلا كلام، لتنزّه ساحته العليا عن التلبّس و الانقضاء. نعم، في صفات الفعل يتصور ذلك باعتبار المتعلق.
ثم إنه يشهد للتعميم للجوامد النزاع المعروف بين الفريقين في مسألة الرضاع من أنه لو كانت لشخص زوجة رضيعة، و زوجتان كبيرتان، فأرضعت إحدى الكبيرتين الرضيعة حرمتا عليه، لصيرورتهما ام الزوجة، و أما الكبيرة الاخرى إذا أرضعت الرضيعة بعد الاولى فحرمتها مبتنية على أن المشتق حقيقة في الأعم من المتلبّس و من انقضى. و أما إن كان حقيقة في خصوص المتلبّس