يقع الكلام فيمن يجوز تقليده و الرجوع إليه في أخذ فتواه و العمل بها، و أنّه هل هو خصوص الأعلم، أو مطلق المجتهد المطلق، أو الأعمّ منه و من المتجزّي؟ فإمّا أن يعلم بعدم مخالفة غير الأعلم للأعلم في الفتوى، أو المتجزّي للمجتهد المطلق، أو يعلم بالمخالفة، و إمّا أن يعلم ذلك إجمالًا في بعض فتاواهما، و إمّا أن لا يعلم بالموافقة و المخالفة في فتاواهما؛ لا تفصيلًا و لا إجمالًا.
و قبل الشروع في البحث لا بدّ من تحرير الأصل في المسألة؛ ليرجع إليه عند عدم الدليل.
مقتضى الأصل: وجوب تقليد الأعلم
فنقول: لا ريب في أنّ باب التقليد ليس من باب السببيّة، فلا طائل في البحث عنه على هذا الفرض؛ للقطع بأنّ فتوى المجتهد طريق للوصول إلى الأحكام الشرعيّة الواقعيّة، لا أنّه تتحقّق بها مصلحة ملزمة أو غير ملزمة فيما تعلّق به نظره و اجتهاده بلا ريب و لا إشكال، فهو نظير رجوع المجتهد إلى خبر الثقة و العمل به في أنّه طريق إلى الواقع.
و حينئذٍ فيمكن تقرير الأصل؛ و أنّ مقتضاه الرجوع إلى الأعلم و تقليده تعييناً بوجوه:
الأوّل: أنّا نعلم بوجود أحكام واقعيّة مشتركة بين العالم و الجاهل، لا تختصّ