و الجلوس المقيّد بما بعد الزوال موضوعاً لعدم الوجوب- فإنّه لم يكن في الأزل- فالاستصحابان جاريان، لكن لا معارضة بينهما؛ لعدم اتّحاد موضوعيهما المعتبر في التعارض، فإنّ الدليلين إنّما يتعارضان إذا كان بينهما مناقضة و مدافعة، و هي متوقّفة على وحدة موضوعيهما، و ليس ما نحن فيه كذلك؛ كيف و يمكن القطع بوجوب طبيعة الجلوس قبل الزوال، و القطع بعدم وجوب الجلوس بعد الزوال، فضلًا عن استصحابيهما، نظير القطع بمطهِّريّة طبيعة الماء و عدم مطهِّريّة الماء المضاف أو ما في الكوز [1].
أجوبة الأعلام عن شبهة المحقّق النراقي
و أجاب الشيخ الأعظم (قدس سره) عن ذلك بما حاصله: أنّه لو اخذ الزمان قيداً للوجوب أو متعلَّقه فلا مجال لاستصحاب الوجوب؛ للقطع بارتفاع ما عُلم بوجوبه بعد الزوال.
و إن اخذ ظرفاً له فلا مجال لاستصحاب العدم؛ لانقلابه إلى الوجوب.
ففي الأوّل يجري استصحاب العدم بلا معارض، و في الثاني يجري استصحاب الوجوب بلا معارض.
ثمّ قال: و ما ذكره (قدس سره): من أنّ الشكّ في وجوب الجلوس بعد الزوال كان ثابتاً حال اليقين بالعدم يوم الخميس.
مدفوع أيضاً بأنّ ذلك- حيث كان مفروضاً بعد اليقين بوجوب الجلوس إلى الزوال- مهمل بحكم الشارع بإبقاء كلّ حادث لا يعلم مدّة بقائه، كما لو شكّ قبل
[1]- قد أجاب المصنّف (قدس سره) تمام صور المسألة في الجواب عن الشبهة، و أشبع الكلام فيه، راجع الاستصحاب، الإمام الخميني (قدس سره): 130.