ضابط المسألة الاصوليّة في كلام الشيخ الأعظم (قدس سره) و نقدها
ثمّ إنّه يظهر من تضاعيف كلام الشيخ الأعظم في أنّه من المسائل الاصوليّة أوْ لا: أنّ المناط في المسألة الاصوليّة هو اختصاص إجرائها في موردها بالمجتهد، و لم يكن من وظيفة المقلِّد، و الاستصحاب كذلك؛ لأنّ إجراءه في مورده- أعني صورة الشكّ في بقاء الحكم الشرعي- مختصّ بالمجتهد، و لا حظَّ للمقلِّد فيه، فإنّ المسائل الاصوليّة حيث إنّها ممهّدة لاستنباط الأحكام من الأدلّة، اختصّ البحث فيها بالمجتهد، و لا حظّ لغيره فيها.
ثمّ أورد على نفسه: بأنّ اختصاص هذه المسألة بالمجتهد إنّما هو لأجل أنّ موضوعها- و هو الشكّ في بقاء الحكم الشرعي و عدم قيام الدليل الاجتهادي عليه- لا يتشخّص إلّا للمجتهد، و إلّا فمضمونه- و هو الدليل على طبق الحالة السابقة و ترتيب آثارها- مشترك بين المجتهد و المقلِّد.
و أجاب عنه: بأنّ جميع المسائل الاصوليّة كذلك، فإنّ وجوب العمل بخبر الواحد و ترتيب آثار الصدق عليه لا يختصّ بالمجتهد. نعم تشخيص مورد خبر الواحد و تعيين مدلوله مختص به؛ لتمكّنه من ذلك و عجز المكلَّف المقلِّد عنه، فكأنَّ المجتهد نائبٌ عنه في ذلك [1]. انتهى.
أقول: هذا المناط و الملاك غير مطّرد و لا منعكس، فإنّ كثيراً من القواعد الفقهيّة كذلك، مثل قاعدة اليد، و استفادة ضمان الأيادي المتعاقبة منها، و مثل قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و بالعكس، فإنّ المكلَّف المقلِّد لا يتمكّن من حفظ حدودها و تشخيص مواردها، و كثير من المسائل الاصوليّة ممّا يتمكّن المقلِّد من دركها، و لهذا يُرجع فيها إلى العرف و العقلاء.