الاستصحابين- لا يجتمع مع العلم بوجوب الفعل أو حرمته.
و إن شئت قلت: إنّ البناء على مؤدّى الاستصحابين يُنافي الموافقة الالتزاميّة [1]. انتهى.
و فيه أوّلًا: أنّ مفاد الاستصحاب هو البناء العملي على طبق ما كان، و ترتيب آثار اليقين في ظرف الشكّ، لا الالتزام القلبي و عقد القلب على ذلك، بل ليس في أدلّته التعبير بالبناء إلّا في الرواية الثالثة لزرارة [2]، و المراد به ما عرفت من أن المراد هو البناء العملي، لا الالتزام القلبي بذلك.
و ثانياً: لا دليل على وجوب الموافقة الالتزاميّة؛ و عقد القلب على الحكم الشرعي.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه: أنّه لا مانع من جريان الاصول العقليّة و الشرعيّة في دوران الأمر بين الوجوب و الحرمة.
هذا كلّه إذا لم يشتمل أحد الحكمين على مزيّة على الآخر.
و أمّا إذا اشتمل أحدهما على مزيّة دون الآخر، كما لو دار الأمر بين أن يكون شخص نبيّاً يجب حفظه، أو سابّاً لنبيٍّ يجب قتله، و حيث إنّ حفظ النبيّ أهمّ من قتل سابّ النبيّ، حتّى أنّه لا تجري البراءة في الشبهة البدويّة، فالعقل يحكم بترجيح مراعاته على الآخر، فليس المكلّف حينئذٍ مخيّراً بين الفعل و الترك.
و يظهر من «الكفاية»: أنّ ذلك من مصاديق دوران الأمر بين التعيين و التخيير، فحكم بالتعيين على طبق مبناه في تلك المسألة [3].