و الثانية: أنّ الهيئة في الأوّل للهُوهُويّة، و الثاني لتحقّق الإضافة التصديقيّة، و كذلك الفرق بين قولنا: «غلامُ زيدٍ» و «زيدٌ عالم» من وجهين: فإنّ هيئة الأوّل تدلّ على الإضافة التصوّريّة، و الثاني على الهُوهُويّة التصديقيّة، ثمّ لو أردنا تحويل قولنا:
«زيد العالم» إلى تركيب تامّ، يُحمل أحدهما على الآخر، و يقال: «زيدٌ عالم» بلا احتياج إلى زيادة معونة اخرى، بخلاف ما لو أردنا تبديل نحو «غلام زيد» إلى تركيب تامّ، فإنّه لا يمكن إلّا بتغيير زائد بزيادة اللّام في «زيد» فنقول: «الغلام لزيد»؛ ليدلّ الحرف الزائد على النسبة و الإضافة.
و هذا ممّا يُؤيّد ما اخترناهُ: من أنّ هيئة الجمل الناقصة في مثل «زيدٌ العالم»، إنّما هي للهُوهُويّة التصوّريّة، و في مثل «زيدٌ عالم» للهُوهُويّة التصديقيّة، بخلاف مثل «الغلامُ لزيد» و أمّا مثل «زيدٌ ضَرَبَ» فهو مُؤوّل إلى «زيدٌ ضارب»، و سيجيء الكلام في مثل «ضَرَبَ زيد» في باب المشتقّ إن شاء اللَّه تعالى.
و أمّا الجمل الإنشائيّة: فتوضيح الكلام فيها يحتاج إلى ملاحظة الإيجاد التكويني، ثمّ الكلام في التشريعي فنقول: لو أوجد أحد شيئاً في الخارج- كالضرب الذي هو معنىً اسم مصدري- فهاهنا امور: الأول: «الضارب» الذي صدر عنه الضرب، الثاني: المضروب الذي وقع عليه الضرب، الثالث: نفس الضرب، الرابع:
وقوع الضرب عليه.
و أمّا الإيجاد للضرب بالمعنى المصدري فهو و إن كان له نوع وجود حقيقة في الخارج في قبال عدمه، إلّا أنّه ليس بمثابة وجود المذكورات الأربعة التي بعضها من الجواهر، و بعضها من الأعراض، بل له وجود متدلٍّ على وجود الفاعل و المفعول و معلّق عليهما، لا أنّه موجود مستقلٌّ في قبالهما، فليس للكسر وجود مستقلّ سوى وجود الانكسار في الخارج، فإذا كان هذا حال الإيجاد في التكوينيّات، فالتشريعيّات- أيضاً- على قياس التكوينيّات و وزانها؛ حيث إنّ الإنسان مدني بالطبع بعد انتقاله