يجب حمله على الوجوب لأجل مقدّمات الحكمة أو لا؟ و على الثاني هل هو كاشف- عند العرف و العقلاء- عن إرادة حتميّة أكيدة أو لا؟ و على الثاني هل هو محمول عند العرف و العقلاء على الوجوب من جهة اخرى أو لا؟
فهذه جهات لا بدّ أن يبحث عنها في هذا المقام.
أمّا دعوى أنّ الأمر موضوع للبعث الحقيقي، لا لمفهومه الكلّي- لما عرفت أنّ الموضوع له في الهيئات خاصّ- فإن اريد من ذلك أنّ لفظه موضوع البعث بالحمل الشائع مقيَّداً بأنّه عن إرادة حتميّة، فهو غير معقول؛ لتأخّر مصداق البعث عن استعمال صيغة الأمر بتحريك جارحة اللسان، و هو متأخّر عن تحريك أوتار الحُلقوم التي بها ينقبض الحُلقوم و ينبسط، و هو متأخّر عن الإرادة، فالإرادة متقدّمة ذاتاً على البعث بالحمل الشائع بمراتب، فكيف يجعل البعث المقيَّد بها هو الموضوع له لصيغة الأمر؟! و لا ريب في استحالته لامتناع وقوع المتقدِّم ذاتاً و رتبة في عرض المتأخّر عنه كذلك.
و إن اريد أنّه موضوع لجامع عرضي بين أفراد البعث المسبوق بالإرادة الأكيدة في قبال أفراد البعث المسبوق بالإرادة الغير الأكيدة- و إنّما قلنا بالجامع العرضي لعدم الجامع المقولي الذاتي- فهو و إن كان ممكناً لكن المتبادر منه خلافه فليس هو الموضوع له أيضاً.
و أمّا دعوى انصراف صيغة الأمر إلى الطلب المسبوق بالإرادة الأكيدة فمنشؤها: إمّا الأكمليّة؛ بدعوى أكمليّة البعث الحقيقي المسبوق بالإرادة الأكيدة من غيره من أفراد البعث، فينصرف إليه إطلاق الأمر. ففيها: أنّ مجرّد الأكمليّة لا تصلح لذلك و لا توجب الانصراف.