و يُعرف تأكّد الطلب و عدمه من لفظ الآمر و تعبيره في الأمر؛ باقترانه بأدوات التأكيد، أو بيان ما يترتّب عليه من المصالح و نحوه، و تظهر فائدة معرفة ذلك في باب التزاحم.
و بالجملة: لا فرق بين الأمر و بين سائر الأفعال الصادرة من الإنسان في أنّه مسبوق بالإرادة و مبادئها. و للإرادة أيضاً مراتب مختلفة قوّة و ضعفاً بالوجدان بحسب اختلاف المصالح المترتّبة على المراد، كما في أمر الولد بترك ما يوجب هلاكه، فإنّ الإرادة فيه آكد من الأمر بفعل يترتّب عليه نفع لا يعتدّ به.
و انقدح بذلك: ما في كلام الميرزا النائيني (قدس سره): من أنّ الشوق إذا بلغ حدّ الكمال فهو عين الإرادة، لا يختلف شدّة و ضعفاً، و إذا لم يبلغ حدّاً يكون مبدأ الفعل فهو غير الإرادة.
فإنّ فيه أوّلًا: أنّه خلاف ما يشهد به الوجدان؛ إذ ربّما يريد الإنسان فعلًا لا اشتياق له فيه أصلًا.
و ثانياً: أنّك قد عرفت سابقاً أنّ الاشتياق و إن بلغ حدّ الكمال فهو غير الإرادة، بل هو من مبادئها، بل قد لا يتحقّق شوق في بعض الأفعال الاختيارية.
و ثالثاً: على فرض الإغماض عن ذلك لا نُسلّم عدم اختلاف مراتبه إذا بلغ حدّ الكمال؛ لأنّ المفروض عنده أنّه عين الإرادة، و هي مختلفة قوّة و ضعفاً.
و انقدح أيضاً: ما في كلام المحقّق العراقي (قدس سره): من أنّ اختلاف الإرادة قوّة و ضعفاً إنّما يصح في الإرادة التشريعية لا في التكوينية.
إذا عرفت هذا فنقول: لا بدّ من البحث في أنّه هل للأمر ظهور لفظي في الوجوب- أي البعث المسبوق بالإرادة الأكيدة ظهوراً مسبَّباً عن الوضع أو الانصراف- أو أنّه ليس له ظهور فيه أصلًا؛ لا وضعاً، و لا انصرافاً؟ و على الثاني: هل