و هذه استعارة، على قراءة من قرأ: فزّع بالزاي و العين، و فرّع بالراء و العين.
فالمراد بقراءة من قرأ: فزع بالعين غير معجمة، أي أزيل الفزع عن قلوبهم. كما تقول: قذيت عينه. إذا أزلت القذى عنها. و هو كقولهم: رغّب عنه. إذا رفعت الرغبة عنه. خلافا لقولهم: رغب فيه، إذا صرفت الرغبة إليه. فالرغبة فى أحد الأمرين منقطعة، و فى الآخر منصرفة. و المراد بقراءة من قرأ: فرّغ بالغين معجمة، قريب من المراد بقراءة الأولى. كأنه سبحانه قال: حتى إذا أخرج ما كان فى قلوبهم من الخوف و الوجل ففرغت منها.
و إنما قال: عن قلوبهم. لأنه سبحانه أقام ذلك مقام التفريج عن قلوبهم. فكما حسن أن يقال: فرّج عن قلبه، فكذلك حسن أن يقال: فرّغ عن قلبه.
و هذا موضع سرّ لطيف، و معنى عجيب.
و قوله تعالى: وَ قََالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهََذَا اَلْقُرْآنِ وَ لاََ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ [31]و هذه استعارة. و المراد بها ما تقدم القرآن من الكتب، فكأنها كانت مشيرة إليه، و مصرفة بين يديه. و قد مضى الكلام على نظائر ذلك فيما تقدم.