responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : السيد الشريف الرضي    جلد : 1  صفحه : 249

لا يوصف بحقيقته إلا الناس. و الزفير قد يشترك فى الصفة به الإنسان و غير الإنسان. و إنما المراد بهاتين الصفتين المبالغة فى وصف النار بالاهتياج و الاضطرام، على عادة المغيظ و الغضبان.

و قوله تعالى: وَ قَدِمْنََا إِلى‌ََ مََا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنََاهُ هَبََاءً مَنْثُوراً [23]و هذه استعارة. لأن صفة القدوم لا تصح إلا على من تجوز عليه الغيبة، فتجوز منه الأوبة. و اللّه سبحانه شاهد غير غائب، و قائم غير زائل. فالمعنى: و قصدنا إلى ما عملوا، أو عمدنا إلى ما عملوا. و ذلك كقول القائل: قام فلان بفلان فى الناس. إذا أظهر ذمه و عيبه، و ليس يريد أنه نهض عن قعود، و تحفّز بعد استقرار و سكون، و إنما يريد أنه قصد إلى سبّه، و تظاهر بثلبه. و قال الشاعر: [1]

فإنّ أباكم تارك ما سألتموا # فمهما أتيتم فاقدموه على علم‌

يقال: قدمت هذا الأمر. و أنا أقدمه. إذا أتيته و قصدته. و قد ذكر بعض العلماء فى ذلك وجها آخر. قال: إنما قال سبحانه: وَ قَدِمْنََا إِلى‌ََ مََا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ لأنه عاملهم معاملة القادم من غيبة. أو كان-بطول إمهاله لهم-كالغائب عنهم ثم قدم، فرآهم على خلاف ما أمرهم به، و استعملهم فيه، فأحبط أعمالهم الفاسدة، و عاقبهم عقاب العاند عن الطاعة، المرتكس فى الضّلالة. و المعتمد على القول الأول.

و قوله تعالى: فَجَعَلْنََاهُ هَبََاءً مَنْثُوراً [23]مجاز آخر. و ذلك أنه لم يجعل عملهم على الحقيقة هباء منثورا، و هو الغبار الدقيق هاهنا. و منه الهابى. و إنما أراد سبحانه أنه أبطل ذلك العمل فعفا رسمه، و سقط حكمه، و بطل بطلان الغبار المحق، و الغثاء المتفرق.


[1] لم أعثر على اسم صاحب هذا البيت فى كثير من المراجع.

نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : السيد الشريف الرضي    جلد : 1  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست