اعم و مكفى مجرد اعتبار الترجيح و لو عند الواضع بل و لا يعقل الترجيح الذاتى لانه قد يتفق التضاد و التناقض بينهما خصوصا على القول يكون اللفظ فانيا في المعنى، و ذلك فيما لو وضع لفظ واحد على شيئين متضادين او متناقضين معا كلفظ القرء للطهر و الحيض.
الجهة الثانية: [فى دلالة الالفاظ بالوضع]
في ان الواضع هل يكون هو اللّه تعالى او غيره من افراد البشر.
فقيل بانه هو اللّه تعالى، لانه لا مناسبة بين الالفاظ و معانيها ذاتا حتى توجب فهم المعنى من لفظه المخصوص به و معه لا يمكن ان يكون الواضع هو البشر لعدم احاطته بجميع الالفاظ و المعانى مع انه لو كان كذلك فلا بد و ان يكون التاريخ يضبطه اذ هو من الحوادث البشرية حينئذ و انه اثر له فيه.
فالجاعل هو تعالى و جعله بطريق الالهام فيكون ذلك برزخا بين الجعل التكوينى و التشريعى.
و لا يخفى ما فيه، لان ما ذكر دليلا للمدعى لا يثبته، اذ من الممكن ان يكون الواضع هو البشر و يتدرج حصول الوضع منه حسب احتياجاته فى الازمان كما نشاهده في عصرنا هذا عند حدوث المعانى الجديدة من الصناعات و الاختراعات و يوضع لكل واحد منها اسم مخصوص فلا معنى لاستناده الى اللّه تعالى و لا يكون للوضع ظهور شايع حتى يضبطه التاريخ بل يتدرج شيوعه و ربما كان شيوعه العام يحصل في زمان طويل.
فالتحقيق، ان وضع الالفاظ مستند الى البشر انفسهم و هو في الاعلام الشخصية واضح و في اعلام الاجناس بالنسبة الى المخترعات في هذه الاعصار ايضا واضح لا يحتاج الى توضيح، و اما بالنسبة الى غيرها من اسماء الاجناس و المشتقات فوضعها تدريجى من افراد متعددة من الواضعين حسب احتياجاتهم عند التعبير عن