نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 527
التي تعكس فكر «أبي طالب» و عقيدته و ما كان يحمله بين جوانحه من إيمان بالرسالة و الرسول، و اخلاص للّه تعالى.
لقد كان «أبو طالب» هو ذلكم الشخصية التي لم يرض لنفسه بان ينكسر قلب ابن أخيه لتركه في مكة، و اصطحبه معه الى الشام في الرحلة التجارية التي سبق ذكرها، رغم الموانع الكثيرة، و فقدان الوسائل اللازمة، و رغم ما ترتب على اصطحابه معه من متاعب.
(1) إن ايمانه بابن أخيه كان عميقا إلى درجة أنه أخذه الى المصلّى و استسقى به، مقسما به على اللّه تعالى أن يكشف العذاب عن قومه، و يرسل رحمته عليهم، فيستجيب اللّه دعاءه، و ينزل عليهم غيثا وافرا ممرعا، بقيت قصته في ذاكرة التاريخ.
إنه ذلك الرجل الذي لم يفتأ عن الحفاظ على حياة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) لحظة واحدة، فهو الذي تحمل في سبيله ثلاثة أعوام عجاف من الحصار الاقتصادي و الاجتماعي الصعب، مؤثرا العيش في الشعب و في شغاف الجبال و الوديان القاحلة على زعامة قريش، و رئاسة مكة الى ان أعيته تلك المحن و المتاعب ففقد بذلك صحته، و انحرف بذلك مزاجه، و توفّي متأثرا بتلك المتاعب و المصاعب، و المشاق و المحن بعد نقض الصحيفة، و انتهاء الحصار، و العودة إلى المنازل بأيام معدودة!!
لقد كان إيمان «أبي طالب» برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قويا و راسخا الى درجة أنه رضى بأن يتعرّض كل ابنائه لخطر القتل و الاغتيال ليبقى «محمّد» و لا يمسّه من أعدائه أيّ سوء، فكان يضجع ولده عليا في موضعه، حتى إذا أرادوا اغتياله لا يصيبه شيء و هذا يعني أنه كان يقيه بنفسه و بأولاده.
و فوق هذا كلّه استعدّ في يوم من الأيام لأن يقتل كل زعماء قريش و أسيادها انتقاما لمحمّد، و كان من الطبيعي أن يقتل في هذه العملية بنو هاشم كلّهم أيضا [1].