و لقد وردت أحاديث متواترة عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و بتعابير متنوعة قال فيها:
«أوّلكم واردا عليّ الحوض، أوّلكم إسلاما عليّ بن أبي طالب» [2].
و عند ما يدرس المنصف المحايد هذه الأحاديث، يقطع بأسبقية الإمام عليّ إلى الإسلام، و تقدّمه على غيره في الإيمان بالدعوة المحمّدية، و لا يختار القولين الآخرين اللّذين لا يذهب إليهما إلّا الأقليّة.
فإنّ ما يناهز الستين شخصا من الصحابة و التابعين يؤيدون القول الأول (أي أن عليّا أول القوم إسلاما و أقدمهم أيمانا) و حتى الطبريّ نفسه الذي شكّك في هذا القول، و اكتفى بنقله دون اختياره و تأكيده، روى في ج 2 ص 60 بأن «ابن سعد» سأل اباه قائلا: أ كان أبو بكر أولكم إسلاما، فقال: لا و لقد أسلم قبله اكثر من خمسين.
و من غريب الأمر ان مؤرخا كبيرا كابن كثير يتنكر لهذه الحقيقة الساطعة فقد ذكر في ج 7 ص 334 من كتابه «البداية و النهاية» حديثا صحيحا بإسناد الإمام أحمد الترمذي في إسلام أمير المؤمنين و أنّه أوّل من اسلم و صلّى ثمّ أردفه بقوله: و هذا لا يصح: من أي وجه كان روي عنه، و قد ورد في أنّه أوّل من أسلم من هذه الأمّة أحاديث كثيرة لا يصح منها شيء ... إلخ.
و قد تصدى العلامة المحقق الاميني رحمه اللّه للردّ على هذا المقال بالتفصيل و نظرا لأهميّة ما كتبه العلامة الاميني و ما احتوى عليه من نصوص تاريخية نسرده هنا مع ما فيه من تكرار بسيط لبعض ما ذكرناه.
[1] خصائص النسائي: ص 3 و سنن ابن ماجه: ج 1 ص 57، مستدرك الحاكم: ج 1 ص 112، تاريخ الطبري: ج 2 ص 56 و غيرها.