نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 306
مشكلا متوقفا على الوحي، و قد كان الاحناف في الجزيرة العربية و من جملتهم رجال البيت الهاشمي موحّدين مؤمنين مع عدم نزول الوحي إليهم.
فيتعين الاحتمال الثاني و هو أن العلم التفصيلي بمضامين الكتاب و ما فيه من الأصول و التعاليم ثم الايمان و الاذعان بتلك التفاصيل كانا متوقفين على نزول الوحي، و لولاه لما كان هناك علم بها، و لا ايمان.
و بعبارة اخرى: إنّ العلم و الإيمان بالامور السمعية التي لا سبيل للعقل إليها- مثل المعارف و الاحكام و القصص و مجادلات الأنبياء مع المشركين و الكفار، و ما نزل بساحة أعدائهم من إهلاك و تدمير، لا يحصلان إلّا من طريق الوحي حتى قصص الامم السالفة و حكاياتهم لتطرق الوضع و الدّس الى كتب القصّاصين، و الصحف السماوية النازلة قبل القرآن.
تفسير الآية بآية اخرى:
إن الرجوع إلى ما ورد في هذا المضمار من الآيات يوضح المراد من عدم درايته بالكتاب أوّلا، و الإيمان ثانيا.
أما الأول: فيقول سبحانه: «تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَ لا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ»[1] فالآية صريحة في أن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) لم يكن عالما بتفاصيل الأنباء، و قد وقف عليها من جانب الوحي، فعبّر عن عدم وقوفه عليها في هذه الآية بقوله: «ما كنت تعلمها أنت و لا قومك» و في تلك الآية بقوله: «ما كنت تدري ما الكتاب» و الفرق هو ان «الكتاب» أعم من «أنباء الغيب» و الأول يشتمل على الانباء و غيرها، و أما «الانباء» فانها مختصة بالقصص، و الكل مشتركان في عدم العلم بهما قبل الوحي و العلم بهما بعده.