دخل كثرة الاستعمال في التبادر، لكنّ حصول مثل هذا القطع بعيد، و لو اريد التمسّك بأصالة عدم استناد التبادر إلى كثرة الاستعمال، و لازمه كونه مستنداً إلى حاقّ اللّفظ، كان من الأصل المثبت، على أنه معارض بأصالة عدم استناده إلى حاقّ اللّفظ.
و أما إن كان المعيار هو التبادر بالمعنى الثاني، و هو الصحيح، كما ذكرنا في محلّه، فالإشكال مندفع، لسقوط احتمال استناد التبادر عند أهل اللّسان إلى كثرة الاستعمال، لأنَّ سيرة العقلاء- في استكشاف المعاني الحقيقيّة للألفاظ- قائمة على الرجوع إلى أهل اللّسان و أخذ المعاني منهم، فيرجعون إلى استعمالاتهم للَّفظ في الموارد المختلفة و التركيبات المتفاوتة، فإذا رأوا ثبوت المعنى و اطّراده و عدم تغيّره بتغيّر الاستعمالات و الحالات، و أنه هو الذي ينسبق إلى أذهانهم في جميع المقامات، حصل لهم اليقين باستناد المعنى إلى حاقّ اللّفظ لا إلى شيء آخر.
فحلّ الإشكال يتمّ بأمرين:
أحدهما: أن الحجّة من التبادر ما كان عند أهل اللّسان، لا ما كان عند المستعلم.
و الثاني: إن بناء العقلاء على الرجوع إلى أهل اللّسان في استكشاف المعاني الحقيقيّة للألفاظ، لا إلى المستعلمين.
فهذا هو الحلّ للإشكال، لا ما ذكره صاحب (الكفاية) و من تبعه، فافهم و اغتنم.
(الشبهة الثانية) هي: شبهة الأولويّة العقليّة، و بيانها: إن الواضع لو كان قد وضع المشتق للأعم، فإنّ مناط وضعه له هو جهة التلبّس، إذ لولاه لم يكن