وضع، غاية الأمر هو أن الأخصي يقول بأن الوضع لخصوص المتلبّس، و الأعمي يقول: ذاك أصبح مناطاً و الوضع للأعم منه، إذن، يكون لصدق المشتق على المتلبّس أولويّة عقليّة بالنسبة إلى الأعم، و لعلّ هذه الأولويّة هي السّبب في انسباق المتلبّس خاصّةً، و معه لا يقين بكونه مستنداً إلى حاقّ اللّفظ، ليكون حجةً.
قال شيخنا دام ظلّه:
و هذا الاحتمال لا دافع له، إلّا بأنْ يقال: بأن المهمّ- كما تقدّم- هو الرجوع إلى أهل اللّسان، لا إلى المستعلم، و إنه ليس في ارتكازات أهل اللّسان مثل هذه الأولويّة العقليّة في دلالات الألفاظ.
فيكون التبادر ناشئاً من حاقّ اللّفظ لا من غيره.
2- صحّة السّلب
قال في (الكفاية) بعد التبادر: و صحّة السلب مطلقاً عما انقضى عنه، كالمتلبّس به في الاستقبال، و ذلك، لوضوح أن مثل «القائم» و «الضارب» و «العالم» و ما يرادفها من سائر اللّغات، لا يصدق على من لم يكن متلبّساً بالمبادئ و إنْ كان متلبّساً بها قبل الجري و الانتساب، و يصحّ سلبها عنه، كيف؟ و ما يضادّها- بحسب ما ارتكز من معناها في الأذهان- يصدق عليه، ضرورة صدق «القاعد» عليه في حال تلبّسه بالقعود بعد انقضاء تلبّسه بالقيام، مع وضوح التضادّ بين «القاعد» و «القائم» بحسب ما ارتكز لهما من المعنى، كما لا يخفى.
و هذا الاستدلال لا يخلو من إبهام، فإنّ صحّة الحمل و صحة السّلب على قسمين: صحّة الحمل و السّلب المفهومي، و صحّة الحمل و السّلب