إنّ حقيقة الوضع جعل اللَّفظ مرآة للمعنى، ثم الاستعمال ليس إلّا إعمال الوضع. و بعبارة اخرى: إن الوضع يعطي اللَّفظ المرآتيَّة للمعنى بالقوّة، و الاستعمال يعطيه المرآتية له بالفعل ... هذا، و البرهان على المرآتية سراية الحسن و القبح من المعنى إلى اللّفظ.
و إذا كان مرآة، فإنه لا يمكن أن يكون الشيء الواحد مرآةً لشيئين.
المناقشة
فقال شيخنا دام بقاه: بأن كلمات هذا المحقق في حقيقة الوضع مشوّشة، فتارةً يقول بأنه جعل الملازمة بين اللّفظ و المعنى، و اخرى يقول:
جعل اللّفظ مرآةً للمعنى، و هل يمكن الجمع بينهما؟ اللهم إلّا أن يقال بأنه يريد جعل الملازمة مطابقةً و جعل المرآتية التزاماً.
لكنْ ليس حقيقة الوضع جعله مرآةً للمعنى، لأن الوضع من فعل الواضع، و من يضع الاسم على ولده لا يجعل المرآتيّة، و جعل الملازمة بين اللّفظ و المعنى لا يلازم المرآتيّة أبداً، لوجود الملازمة بين النار و الحرارة، مع عدم وجود المرآتيّة.
و سراية الحسن و القبح من المعنى إلى اللّفظ لا يختص بالقول بالمرآتيّة، فعلى القول بالعلامتيّة- الذي اخترناه- توجد هذه السّراية أيضاً، و استعمال اللّفظ في أكثر من معنى بناءً عليه ممكن، لعدم المانع من أن يكون الشيء الواحد علامةً لشيئين.
4- المحقق الأصفهاني
و سلك المحقق الأصفهاني مسلكاً آخر لبيان استحالة استعمال اللّفظ