و قد ذكروا نحوين من التبادر لمعرفة المعنى الحقيقي:
أ- التبادر عند أهل اللسان.
ب- التبادر عند المستعلم نفسه.
ثم إن المعنى الذي ينسبق إلى الذهن و يتبادر، لا بدَّ و أنْ يكون تبادره من نفس اللّفظ، بأنْ نقطع بكون الانسباق منه لا من غيره، لأنّه قد ينسبق المعنى من اللّفظ بقرينةٍ، و القرينة إمّا حاليّة و إمّا مقاليّة، و كلّ منهما: إمّا خاصّة مثل «يرمي» في: رأيت أسداً يرمي، و إما عامّة كمقدمات الحكمة.
فالتبادر الكاشف عن المعنى الحقيقي الموضوع له اللّفظ هو ما إذا علمنا بعدم كونه لأجل قرينةٍ من القرائن، و مجرّد احتمال دخل قرينةٍ في حصول الانسباق يسقطه عن الدليليّة على الحقيقة.
الدليل على دليليّة التبادر
و بما ذكرنا ظهر أنّ دليليّة التبادر على المعنى الحقيقي و كاشفيّته عنه هي من قبيل كشف العلّة عن المعلول، فهي دلالة إنّية، في مقابل الدلالة اللميّة، التي هي كشف المعلول عن العلة، و تسمّى بالبرهان.
فيقال في وجه دلالة التبادر على المعنى الحقيقي:
إن انسباق المعنى إلى الذهن هو أحد المعاليل و الحوادث، فلا بدّ له من