و للمحقّقين الأصفهاني و الخوئي أنظار في قول المشهور في حقيقة معنى الجملة الخبريّة و معنى الجملة الإنشائية، و من خلالها يظهر مختارهما في معنى الجملتين.
رأي المحقق الأصفهاني
و ذهب المحقق الأصفهاني إلى أن حقيقة الإنشاء و الإخبار هو إيجاد الأمر النسبي بالوجود اللّفظي، فإن كان له ما وراء و قصد الحكاية عنه باللّفظ فهو خبر، و إنْ لم يكن له ما وراء حتى يكون اللّفظ حاكياً عنه فهو إنشاء.
فالفرق بين قوله و قول المشهور هو: إنهم يقولون: في الإنشاء نوجد المعنى باللّفظ، فاللّفظ علّة لوجوده، فهيئة «بعت» موجدة للبيع و الملكية في عالم الاعتبار، و هو يقول: إنه يكون للمعنى وجود مجازي باللّفظ، لا أن المعنى يوجد بسبب اللّفظ، فإن كان هذا الموجود المجازي الجعلي له ما وراء قصد الحكاية عنه فهو خبر، و إلّا فهو إنشاء. و بهذا يظهر الفرق بين «بعت» إنشاءً و إخباراً، و أن التقابل بين الإنشاء و الإيجاد تقابل العدم و الملكة أو السلب و الإيجاب.
و هذا رأيه الذي اختاره فقهاً و اصولًا، تعرّض له في باب الطلب و الإرادة [1]، و في (تعليقة المكاسب) [2].
و عمدة الكلام هو في حقيقة الإنشاء، و إليك توضيح مذهبه فيه:
إن ما ذهب إليه المشهور في حقيقة الإنشاء مردود بأنّ الوجود إمّا
[1] رسالة الطب و الارادة (بحوث في الاصول): 14. ط جامعة المدرّسين.
[2] حاشية المكاسب 1/ 76- 77 الطبعة الحديثة المحقّقة.