لكنها في الخارج لا تقبل الوجود إلّا بنحو الصدق على كثيرين.
ما يرد عليه من الإشكال
أوّلًا: في قوله: الآليّة و الاستقلالية تأتي من ناحية اللّحاظ، و إلّا فلا فرق جوهري بينهما.
فإنّ اللّحاظ ليس إلّا الوجود الذهني، فإذا لم يكن في حاقّ المعنى و ذاته لا آليّة و لا استقلاليّة، فإنّ لحاظه- أي وجوده- لا يغيّره عمّا هو عليه.
و بعبارةٍ اخرى: ليس الوجود إلّا أن ينقلب النقيض إلى النقيض، بأنْ يكون الشيء موجوداً بعد أنْ كان معدوماً، فالوجود لا يغيّر الماهيّة و الحقيقة بل يُظهرها بعد أنْ لم يكن لها ظهور.
و إذا كان اللّحاظ- سواء من الواضع أو المستعمِل- ليس إلّا وجود المعنى، فكيف يكون المعنى باللّحاظ آليّاً تارةً و استقلاليّاً اخرى؟
و ثانياً: إنْ كان الموضوع له اللّفظ ذات المعنى، و كان الاستقلال و عدم الاستقلال خارجين عنه، غير أنْ الواضع اشترط على المستعمل استعمال الاسم إن كان المعنى ملحوظاً بالاستقلال، و الحرف إنْ لم يكن.
ففيه: أنه إذا كان المعنى الموضوع له اللّفظ مطلقاً غير متقيَّد لا بالآليّة و لا بالاستقلاليّة، فكيف يصبح بالاستعمال مقيّداً بهذا تارةً و بذاك اخرى؟
و ثالثاً: إذا كان الموضوع له هو ذات المعنى فقط، لصحّ استعمال الحرف في محلّ الاسم و بالعكس، و من عدم صحّة هذا الاستعمال يستكشف وجود الفرق الجوهري بينهما.
قال صاحب (الكفاية): وجه عدم الصحّة هو: إنّ هذا الاستعمال و إنْ كان في الموضوع له، إلّا أنه بغير ما وضع عليه.