و يحملون الحديث تارة على أنّ له خيار المجلس بالشرط، و أخرى على أنّ له الرجوع قبل الإيجاب.
و هذا من الغرابة بمكان!فإنّ الحديث يقول: «البيّعان بالخيار» لا البائع فقط.
ثمّ ما معنى إقحام التفرّق و تعليق الخيار عليه؟!
و بالجملة: فصراحة الحديث و وضوح معناه كاف في ردّهم.
أمّا المالكية فقد اعترفوا بأنّ الحديث صحيح بل و صريح، و لكنّهم قالوا:
إنّ عمل أهل المدينة على خلافه، و عملهم مقدّم على الحديث و إن كان صحيحا 2 .
و هذا شيء لا نعرفه، و لا ندري كيف عمل أهل المدينة يطرح الحديث أو ينسخه؟!و عهدة ذلك عليهم 3 .
[1] لم نعثر على الناقل. و لكن راجع: النتف في الفتاوى 1: 443، بداية المجتهد 2: 168- 169، المغني 4: 6، المجموع 9: 184، جواهر العقود 1: 50، سبل السلام 3: 61.
[3] قال النووي: (و كيف يصحّ هذا المذهب مع العلم بأنّ الفقهاء و رواة الأخبار لم يكونوا في عصره[أي: عصر مالك]و لا في العصر الّذي قبله منحصرين في المدينة و لا في الحجاز، بل كانوا متفرّقين في أقطار الأرض، مع كلّ واحد قطعة من الأخبار، لا يشاركه فيها أحد، فنقلها...
هذا كلّه لو سلّم أنّ فقهاء المدينة متّفقون على عدم خيار المجلس، و لكن ليس هم متّفقين، فهذا ابن أبي ذئب-أحد أئمّة فقهاء المدينة في زمن مالك-قد أنكر على مالك هذا المسألة، و أغلظ في القول بعبارات مشهورة حتّى قال: يستتاب مالك من ذلك) . (المجموع 9: 186-187) .
و قريب من هذا الكلام ما أورده السيوطي في تنوير الحوالك 510-511.