فإنّه يقال: الموقوف عليه غير الموقوف عليه. فإنّ الموقوف على التبادر هو العلم التفصيلي بالوضع، و ما يكون التبادر موقوفا عليه هو العلم الإجمالي الارتكازي.
هذا إذا كان المراد بالتبادر التبادر عند المستعلم، و أمّا إذا كان المراد التبادر عند أهل المحاورة فالتغاير أوضح من أن يخفى. (لأنّ ما يتوقّف على التبادر هو علم المستعلم بالوضع و ما يتوقّف عليه التبادر هو علم أهل المحاورة).
ثمّ إنّ هذا فيما إذا علم استناد الانسباق إلى نفس اللّفظ، و أمّا فيما احتمل استناده إلى قرينة فلا يجدي أصالة عدم القرينة في إحراز كون الاستناد إليه لا إليها- كما قيل- لعدم الدليل على اعتبارها (عند العقلاء) إلّا في إحراز المراد لا الاستناد [1].
أقول: هذا لو كان مرادهم من أصالة عدم القرينة البناء على عدمها عند العقلاء، و أمّا لو كان مرادهم من أصالة عدم القرينة استصحابه ففساده أوضح لعدم كون المستصحب اثرا شرعيا و لا ذا أثر شرعي يترتّب عليه بلا واسطة.
نعم، يترتّب عليه الأثر الشرعي بوسائط عقلية كثيرة فيكون مثبتا.
و عن المحقّق العراقي ردّ الدور بوجه آخر، و لو قلنا بتوقّف التبادر على العلم التفصيلي. و حاصله كفاية تغاير الموقوف و الموقوف عليه بالشخص، لا بالنوع و الصنف؛ إذ لا شبهة في مغايرة شخص العلم الحاصل بالتبادر مع شخص العلم الذي يتوقّف عليه التبادر.
و فيه أنّه خلاف الفرض، إذا لفرض وجود علم واحد شخصي في افق النفس نشأ منه التبادر و بعد التبادر أيضا نفس ذلك الشخص من العلم باق لعدم وجود علّة لانقطاعه حتى يكون الثاني شخصا آخر من العلم. و الباقي عين السابق مع فرض الاتّصال لأنّه مساوق للوحدة الشخصيّة.