بعد ما سمعت من اقتضاء اصالة البراءة عدم لزوم الاعادة و الاجتزاء بما وقع على حسب ما أدّت اليه الامارة قبل ظهور الخلاف.
و ان كانت على النحو الثانى فان كان يمكن استيفاء الباقى، وجبت الاعادة و لا يجتزى بالمأتى به اولا اذ على الطريقية لا يجتزى بما وقع ناقصا، و على السببية لم يكن المأتى به وافيا بتمام المصلحة و كان ممكن التدارك حسب الفرض فيجب اعادته لتدارك الباقى.
و ان كان لا يمكن استيفاء الباقى فالكلام فيه كما فى النحو الاول من عدم وجوب الاعادة، لانه قبل ظهور الخلاف كان له حجة على عدم وجوب الاعادة، و بعد ظهور الخلاف حدث له علم اجمالى مردد الاطراف بين ما وقع و بين ما لم يقع، و فى مثله لا اثر للعلم الاجمالى بالنسبة الى ما وقع فيرجع الامر حينئذ الى الشك فى وجوب العمل على ما لم يقع و الاصل فيه يقضى بالبراءة كما لا يخفى.
و ان كان لم يعلم حاله هل يمكن الاستيفاء او لا يمكن؟ كان ذلك شكا فى القدرة على الامتثال و قد مر منا مرارا ان الشك فى القدرة يجب الاحتياط فيه بحكم العقل، و ان كانت بالنحو الاخير لم يجب بالوجه الذى عرفته آنفا من الرجوع الى اصل البراءة.
هذا كله الكلام فيما اذا كان احد طرفى الترديد احتمال الطريقية فان لم يحتمل ذلك و تردد الامر بين اقسام السببية، فان كان احد طرفى الترديد احتمال السببية بالنحو الاول كان الحكم فيه الاجزاء و عدم لزوم الاعادة، لانه مع فرض دوران الامر بين السببية على النحو الاول و بينها على النحو الثانى يعلم بوجوب الجامع بين الناقص و الكامل، و انما الشك فى وجوب ما يزيد على ذلك بنحو تعدد المطلوب، و يجرى فيه البراءة، و مع فرض الدوران بينها على النحو الاول و النحو الاخير، يجرى حديث العلم الاجمالى المزبور فانه