الحج حيث انه قد طلب الحج فورا فى السنة الاولى فاذا عصى ذلك بقى معه المصلحة الوجوبية بالنسبة الى ذات الحج نفسه، فيجب عليه الحج فى السنة الثانية و هكذا، فينحل الطلب الوجوبى فى مثل الحج الى طلبين طلب لنفس الحج، و طلب آخر لفوريته، فاذا فاتت الفورية بقيت المصلحة الوجوبية فى نفس الحج بحالها، فيلزم تحصيلها بإتيان الحج فى السنة الثانية و هكذا.
هذا كله ما يتعلق بالاحتمالين الاولين، و اما الاحتمال الاخير فيختلف حاله بحسب النظر الى مرحلة امكانه، اذ لا يخلو اما ان يكون اتيان الفعل الاضطرارى علة لتفويت الفعل الاختيارى فى زمانه و اما لا يكون كذلك، بل يكون منشأ عدم امكان تدارك الباقى فى ضمن الفرد الاختيارى من جهة المضادة المتحققة فيما بين الفعلين و لازم الاول حرمة المبادرة الى الفعل الاضطرارى، لانه علة لحصول الحرام الذى هو تفويت ما هو لازم المراعاة، و مقتضى المضادة بناء الحكم على مسئلة الضد فإن قلنا فيها بالترتب كان مأمورا بالصلاة فى زمان الاضطرار اذا كان بانيا على العصيان فى ترك الواجب فى زمان الاختيار، و إلّا حرم عليه الصلاة فى حال الاضطرار و لزمه الانتظار حتى يتضيق عليه الوقت او يتبدل حاله الى حالة الاختيار، فاذا كان عنده الماء و كان يعلم بطرو الاختيار له فى الوقت فهل له اراقة ما عنده من الماء فى اول الوقت اعتمادا على تمكنه من استعمال الماء فى آخر الوقت، او ليس له ذلك؟ التحقيق يقتضى التفصيل بين من كان عازما على ان يأتى بالصلاة مع تلف الماء و بين من لم يكن عازما على ذلك، فعلى الاول لا يجوز له اراقة الماء لانه مؤد الى تفويت الواجب و فى الثانى يجوز له ذلك هذا.
و بقى الكلام فيما يقتضيه الاحتمالات الثلاثة المزبورة من الاحكام