و كأنّ يوم الإذن يبرز منهم # اسد الشّرى و أساود الغيطان [1]
و لقد رأيت بدير هند منزلا # ألما من الضرّاء و الحدثان [2]
أغضي كمستمع الهوان تغيّبت # أنصاره و خلا من الأعوان
بالي المعالم أطرقت شرفاته # إطراق منجذب القرينة عان [3]
أو كالوفود رأوا سماط خليفة # فرموا على الأعناق بالأذقان
و ذكرت مسحبها الرياط بجوّه # من قبل بيع زمانها بزمان
و بما تردّ على المغيرة دهيه # نزع النّوار بطيئة الإذعان [4]
أمقاصر الغزلان غيّرك البلى # حتى غدوت مرابض الغزلان
و ملاعب الإنس الجميع طوى الردى # منهم فصرت ملاعب الجنّان
من كلّ دار تستظلّ رواقها # أدماء غانية عن الجيران [5]
و لقد تكون محلّة و قرارة # لاغرّ من ولد الملوك هجان [6]
يطأ الفرات فناءها بعبابه # و لها السّلافة منه و الرّوقان [7]
قدحت زفيري فاعتصرت مدامعي # لو لم يؤل جزعي إلى السلوان
ترقى الدموع و يرعوي جزع الفتى # و ينام بعد تفرّق الأقران
مسكيّة النفحات تحسب تربها # برد الخليع معطّر الأردان
[1] الشرى: مأسدة مشهورة بأسودها. الأساود: الحيّات، الواحد أسود.
[2] دير هند: من أديرة النجف، تقدّم.
[3] القرينة: الناقة المقرونة بأخرى.
[4] المغيرة: وصف لصفة محذوفة، تقديره الخيل المغيرة. دهيه: أصابه بداهية. النوار: المرأة النفور.
[5] الأدماء: أي ضبية أدماء، أي سمراء.
[6] الهجان: الكريم الحسيب.
[7] عبابه: معظم سيله و ارتفاعه. السلافة: كلّ شيء عصرته. الروقان: الصافي من الماء.