و حلّ بها هارون الرشيد سنة 180 هـ فسكنها و ابتنى بها المنازل و أقطع من معه الخطط، و أقام نحوا من أربعين يوما، فوثب به أهل الكوفة و أساؤا مجاورته، فارتحل إلى مدينة السلام. [1] و نزلها ثانية في محرّم سنة 187 هـ عند انصرافه من الحج، فأقام في قصر عون العبادي. [2]
و زار الواثق الحيرة و دخل دير هند و دير مارت مريم و كان معه إبراهيم الموصلي.
و قد تقدم تحت عنوان"مناخ النجف"قصيدته الفائيّة التي يمدح بها الواثق. و أقام في الحيرة الكثير من وزرائهم و أمرائهم.
خراب الحيرة
لم يزل عمران الحيرة يتناقص مذ بنيت الكوفة سنة 17 هـ إلى أيام المعتضد العباسي فإنّه استولى عليها الخراب، و كان فيها ديارات كثيرة و رهبان لحقوا بغيرها من البلاد لاستيلاء الخراب عليها. [3]
و قد بني بعض قصور الكوفة و بيوتها بآجر و أساطين رخام قصور الحيرة [4] و نهج أعراب تلك الديار هذه الطريقة و هدموا قصور الحيرة و بيوتها على مرّ القرون و تتابع الأجيال للإستفادة من أنقاضها في الأبنية الحديثة التي بنوها، و لا تزال آثار ذلك التخريب بادية للعيان.
و مع ذلك بقيت الحيرة مأهولة عهدا غير قليل في عصر العرب المسلمين، و وقعت فيها حوادث منها القتال الذي وقع بين مضريّة الكوفة و الحيرة، و لم يصطلحوا و يصبح