تسلّ فإنّ الفقر يرجى له الغنى # و إنّ الغنى يخشى عليه من الفقر
ألم تر أنّ البحر ينضب ماؤه # و تجري على حيتانه نوب الدهر
و لجفاف بحر النجف شؤون من حيث تغيّر الهواء النقي في النجف، و انقطاع جملة من الأقوات و المكاسب، و تبدّل كثير من المنافع بالمضار كحدوث الأمراض و الأوبئة في النجف. و كان سبب جفافه سدّ نهر الفرات عند جنوب البحر جانب القرنة (الگرنة) و المدلگ على يد علي أفندي، أحد وكلاء الدولة العثمانية لأجل زراعة المنطقة و إصلاح أراضيها. [1]
و في الثالث عشر من جمادى الثانية من سنة 1334 هـ-1915 م انفتق حاجز القرنة (الگرنة) فعبر الماء و ظهر في بحر النجف في منتصف الشهر المذكور جدول جار منه إلى منتهى البحر من الشمال حيث يملأ الأودية و الغيطان فملأها و غمر رقعة واسعة قرب"رأس الماي"شمالا إلى"جماعة الشوافع"جنوبا.
و في أول رجب من هذه السنة نفذ ماؤه إلى بساتين البحر المذكور و لا يزال آخذا بالزيادة. و قد أعدّ بعضهم الزوارق لركوبه.
و قد جفّ ماء البحر تماما في أواخر سنة 1335 هـ، و تبلور فصار قسم كبير منه ملحا يعرض كالتراب، و في كلّ يوم تجلب مقادير وافرة منه تباع بسعر تافه. [2]
و"القرنة"هو منخفض يقع على الفرات في الجنوب الشرقي من الحيرة بين بحيرة النجف و الشنافية، و هو غير القرنة الواقعة عند ملتقى نهري دجلة و الفرات.
و"المدلگ"منخفض آخر لا يبعد كثيرا عن القرنة، و بين هذين المنخفضين منخفض آخر يسمّى"الفتحة". و عند ما فتح جدول الهنديّة صبّت على البحيرة المياه من الفرات من ناحية أبو صخير حتى أمتلأت و دام الماء فيها مئة عام تقريبا.