و لم تزل"بانقيا"باقية من عهد إبراهيم عليه السّلام حتى عصر خلافة خلافة أمير المؤمنين عليه السّلام، و كان أكثر سكّانها من اليهود. كما سيأتي اعتقاد اليهود في فضل دفن الموتى بالنجف لأخبار يجدونها في كتبهم و احتجاج أمير المؤمنين عليه السّلام في ذلك.

قال ابن أبي الحديد: و سخط علي عليه السّلام مرّة على شريح القاضي فطرده عن الكوفة و لم يعزله عن القضاء، و أمره بالمقام ببانقيا-و كانت قرية قريبة من الكوفة أكثر سكّانها اليهود-فأقام بها مدّة، حتى رضي عنه و أعاده إلى الكوفة. [1]

و كان سخط أمير المؤمنين عليه السّلام على شريح بسبب ما قضاه في قصّة الدرع.

أخرج أبو نعيم، عن إبراهيم بن يزيد التيمي، عن أبيه، قال: وجد علي بن أبي طالب درعا له عند يهودي التقطها فعرفها، فقال: درعي سقطت عن جمل لي أورق.

فقال اليهودي: درعي و في يدي. ثمّ قال له اليهودي: بيني و بينك قاضي المسلمين فأتوا شريحا فلمّا رأى عليا قد أقبل تحرّف عن موضعه و جلس علي فيه. ثمّ قال علي: لو كان خصمي من المسلمين لساويته في المجلس و لكنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:

"لا تساووهم في المجلس و الجؤوهم إلى أضيق الطرق فإن سبّوكم فاضربوهم و إن ضربوكم فاقتلوهم". ثمّ قال شريح: ما تشاء يا أمير المؤمنين، قال: درعي سقطت عن جمل لي أورق و التقطها هذا اليهودي. فقال شريح: ما تقول يا يهودي؟.

قال: درعي، و في يدي. فقال شريح: صدقت و اللّه يا أمير المؤمنين إنّها لدرعك، و لكن لا بدّ من شاهدين فدعى قنبرا مولاه و الحسن بن علي و شهدا أنّها لدرعه. فقال شريح: أمّا شهادة مولاك فقد أجزناها و أمّا شهادة ابنك لك فلا نجيزها. فقال علي:

ثكلتك أمّك أما سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:

"الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة". قال: اللّهم نعم. قال: أفلا تجيز شهادة

[1] شرح نهج البلاغة: 14/29.