نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 490
و يدلنا على ذلك قول المؤمن- في نفس الرواية-: «يا أيها الناس، انه لا يفعل بعدي بأحد من الناس. يبشرهم بأنه لن يقتل أحدا بعده. و معنى ذلك أن قتله للناس معروف فيهم مشهور بينهم، و التذمر من ظلمه عام في المجتمع. حاله في ذلك حال سعيد بن جبير الذي دعا حين أراد الحجاج قتله قائلا: اللهم لا تسلطه على احد بعدي». في قضيته المشهورة. و معه فلا حاجة إلى قيام المعجزة لكشفه.
هذا بحسب ظاهر العبارة. و أما حمل هذه الأحاديث على الرمز، فهو في غاية الاشكال.
الأمر الخامس: ضخامة الحمار الذي يركبه الدجال:
و ذلك: فيما رواه الصدوق في اكمال الدين [1] عن رسول اللّه (ص) يقول فيه: «انه يخرج على حمار ما بين أذنيه ميل، يخرج و معه جنة و نار، و جبل من خبز و نهر من ماء ...» الخ. الحديث.
و من المعلوم أن ما بين أذني الحمار الاعتيادي لا يعدو عرض الأصبعين أو الثلاثة أصابع. فإذا كان هذا المكان منه بمقدار ميل، فكيف بضخامة أجزاء جسده الأخرى.
و هذا- بلا شك- من فوارق الطبيعة المنسوبة إلى أحد المبطلين، و قد برهنا على عدم امكان الأخذ به أو التصديق به، بحسب القواعد الاسلامية العامة.
نعم، يمكن حمله على الرمز، على ما سيأتي في الجهة الآتية: عطفا على عدد من الأمور التي أخرجها الصدوق من صفات الدجال، مما يمكن حمله على الرمز، و يندرج في الفهم المتكامل العام، على ما سنوضح إن شاء اللّه تعالى.
و أما أن معه جبلا من خبز و نهرا من ماء، فهو معارض، بما أخرجه الصحيحان [2] عن المغيرة بن شعبة أنه قال:- و اللفظ للبخاري-: «ما سأل أحد النبي (ص) عن الدجال ما سألته: و أنه قال لي: ما يضرك منه؟ قلت: لأنهم يقولون أن معه جبل خبز و نهر ماء. قال: هو أهون على اللّه من ذلك».